الموضوع الأول

المقدمة

أخي سامر يكبرني بسنتين، وأنا أعتبره صديقي ورفيق دربي، ولكنّه في بعض الأحيان يتعمّد استفزازي، وكان من إحدى هذه المرات مرّة كنّا نتحدّث فيها عن النادي الرياضي المفضل لكل واحد فينا، وعن مهارة لاعبيه، وكعادته سامر تعمّد استفزازي، فأخذ يستهزئ بلاعبي فريقي المفضل، ويستعرض المباريات التي خسروا فيها، حتى أثار غضبي فارتفع صوتي، وشتمته وشتمت فريقه المفضل، في الوقت الذي كان فيه أبي قد عاد من عمله، فسمع هذا كله!.


آداب الحوار

وقف أبي على الباب فسلّم علينا وفي عينيه نظرة عتب لما سمعه منّي، جعلتني أشعر بالخجل، فرددنا عليه السلام، ثمّ سألنا عن أحوالنا، وبعد أن أجبناه جلس بيننا واستفهم عمّا كان يحدث، ولمَ رفعتُ صوتي، وشتمتُ أخي، فأجبته بما حصل، فطلب مني الاستعاذة من الشيطان الرجيم، والجلوس إلى جانبه وقال: يا أبنائي إنّ من حسن تربية الإنسان أن يكون حواره مهذباً مع الآخرين، وأظنّ أنني أحسنت تربيتكما، فلا أريد لهذا الموقف أن يتكرر.

قلت: ولكن يا أبي إنّه كان يتعمّد استفزازي.

قال أبي: لا ألقي عليك اللوم وحدك يا معتز، فأخوك مخطئ هو أيضاً، فالحوار المهذب يعتمد على وجود طرفين مهذبين، يحترم كل منهما رأي الآخر حتى وإن خالفه، فقد كان من واجبه ألا يتعمد استفزازك، وكان من واجبك تقبل رأيه، ولتعلما يا أبنائي أن الاختلاف هو أساس وجود البشر، فلا داعي للخلاف والعداوة إن اختلفت آراؤنا، ألا تسمعون المثل الذي يقول" لولا الأذواق لبارت الأسواق"؟.

قال سامر بحياء: نعم يا أبي، لكن من واجبه أيضاً ألّا ينفعل إن خالفته في الرأي، وألا يشتم أيضاً.

قال أبي: هذا صحيح يا سامر، فعلى الإنسان أن يكون منفتح العقل، واسع الصدر لما سيسمعه من الطرف الآخر، وألا يتوقع أن يُعجب الجميع بآرائه ويتبعوها، فلكل إنسان رأيه الخاص الذي نحترمه.

قال أخي: كما يجب على الطرفين الحفاظ على نبرة متوسطة غير عالية عند الحديث، واستخدام الكلمات المهذبة.

-أحسنت يا سامر.

أضاف أبي: ومن آداب الحوار أيضاً عدم مقاطعة الطرف الآخر، والانتظار لحين انتهائه من حديثه، كما يجب علينا ألا نستهزئ برأيه مهما كان.

قلت: لطالما رأينا هذه الآداب في حوارك معنا ومع أمي يا أبي،وأنا آسف.

قال أبي: لا بأس يا بني، فنحن نتعلم دائماً من أخطائنا، ثمّ إني أريدكما أن تعرفا بأن أي حوار يدور بين طرفين لا بدّ أن يستفيد منه كل منهما، حتى وإن تخالفت آراؤنا، لذا يجب على الإنسان التفكير بكل كلمة قيلت أثناء الحديث، فلربما تكون صائبة ونحن المخطئون فنتعلم منها.

قلنا أنا وأخي: معك حق يا والدنا العزيز.


الخاتمة

قال سامر: أبي، إن ما نفعله الآن هو أرقى أنواع الحوار، فها نحن نتحدث بهدوء ورقي، ولا نقاطع بعضنا بعضاً، ونستفيد من كل كلمة قيلت، يا لك من قدوة رائعة لنا دوماً!، فابتسمنا جميعاً وانطلقنا نلبي نداء أمي لتناول الغداء.



الموضوع الثاني

المقدمة

يعرّف الحوار بالنقاش الذي يدور بين شخصين أو أكثر حول موضوع معين، ويهدف الحوار إلى تبادل الأفكار، أو توضيح رأي معين، أو حلّ قضية، ويجب أن يقع ضمن حدود آداب الحوار، وهي قواعد وأخلاقيات يجب أن يلتزم بها المتحاورين لتجنّب حدوث المشاكل التي يمكن أن تحدث بسبب اختلاف الرأي، أو المقاطعة، أو أيّ سبب آخر.


آداب خلال الحوار

تتعدد آداب الحوار، فيجب في بداية الحوار تحديد موضوع معين وإعلام جميع الأطراف به، وعدم التطرّق إلى أيّ مواضيع جانبية، وإعطاء فرص للآخرين للحديث والتعبير عن رأيهم بكلّ وضوح، وتجنب السخرية من آراء الآخرين بنية إحراج الطرف الآخر، فهي ليست من شيم المسلم حتى لو أخطأ الطرف الآخر، كما يجب التحدّث باعتدال، وتجنّب الغضب، كما يجب مراعاة أن يكون الحديث بصوت مناسب بدون اللجوء إلى صراخ، وعلينا الالتزام بالأدب في الحديث، وانتقاء الألفاظ المناسبة والحسنة، والابتعاد عن أيّ لفظ سيء أو بذيء، والحرص حسن الاستماع، وعدم مقاطعة حديث الأطراف الأخرى لفرض الرأي، وينصح دائماً بالتركيز على الرأي لا على صاحبه، وامتلاك الشجاعة والقدرة على الاعتراف بالخطأ، وعدم فرض الرأي على الآخرين، والحرص على الوقوف بجانب الرأي الصحيح، علاوة على ذلك يجب الالتزام بوقت محدد في الكلام، وعدم الإطالة في الحديث.


آداب ما بعد الحوار

هناك بعض الآداب التي يجب الالتزام بها بعد الانتهاء من الحوار، ونذكر منها احترام الرأي المخالف، وتجنب الإعجاب بالنفس لدرجة التكبّر عند الانتصار في المحاورة، كما يجب تجنّب الحسد عند انتصار الطرف الآخر لقوة حجته أو بلاغته، كما ينبغي علينا أن نتجنّب قطع علاقاتنا مع الطرف الآخر بعد الحوار مهما كانت نتيجته، أو الدخول في شجار أو نزاع معه إن هو انتصر.


الخاتمة

حرص الإسلام على دعوتنا للالتزام بآداب الحوار لجني فوائده العديدة، والاستفادة من خبرات الآخرين، والالتزام بآداب حوار الحديث يجعل من الشخص يتّسم بالرقيّ والحكمة، وتذكر أنّه إذا لم نلتزم بآداب الحوار، فإنّه يصبح بلا فائدة، وتذكر قول الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).



للمزيد من المواضيع: تعبير عن الحوار، تعبير عن تربية الأبناء