المقدمة

كثيرة هي الحوارات التي تدور بيننا وبين أفراد عائلتنا، أو أصدقائنا أو غيرهم من الناس حول مواضيع متعددة في هذه الحياة، وهذا شيء جميل لأن الحوارات تضيف إلينا، وتنمي شخصياتنا، وتكسبنا الخبرة والإفادة بشرط أن تكون ضمن إطار من التفاهم، واحترام الرأي الآخر، فالحوار الراقي هو لغة الناضجين من الناس، أمّا الشتم ورفع الصوت، والتقليل من شأن الآخر هي دلائل على الجهل وعدم التحضّر.



حوار بين شخصين حول الكسل والجد

دار يوماً حوار بين شخصين أحدهما يؤيد حياة الرفاهية والكسل والخمول، وآخر يؤيد حياة النشاط والجد والعمل فقال الأول وقد استيقظ من نومه الساعة 1 ظهراً: ياه كم هو جميل الكسل، والراحة والخمول، أسهر حتى أمل، وأنام حتى أستيقظ لوحدي، فلا سائل ولا مسؤول، وعند استيقاظي لا أجد ما أفعله، يا لها من حياة جميلة أقضيها بين أكل ونوم ومشاهدة تلفاز.


قال الثاني: كيف تجد الجمال في يومك إن أضعتَ عليك شمس الصباح، وزقزقة العصافير التي تضيف إلى اليوم جماله، ونفس الهواء النظيف، ليس أجمل من أن تخرج مع طلوع الشمس إلى عمل تُجدّ فيه وتتعب، فتحصل على رزق يبارك الله لك فيه، وتشعر بلذّة إنتاجك.


قال الأول متثائباً: ولماذا علي أن استيقظ من أحلامي الجميلة، وأقابل من احتمل ولا احتمل من البشر، ها أنا قاعد هنا أستمتع بما يقدمه لي والدي من نقود أشتري بها ما أشاء.


فابتسم الثاني وقال: عليك أن تنهض من أحلام نومك لتحقق أحلام واقعك، فما قيمة الإنسان إن لم يعمل، ويجد، ويرى إنجازه أمامه؟ ثم ألم تسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه فيم فعل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟)، فإن أنت ظللت نائماً أيّ عمل ستقابل به ربّك الكريم؟ وبم ستُثقل ميزان حسناتك؟


قال الأول متسائلاً: وما علاقة العمل بالعبادة والحسنات أصلاً؟


فقال الثاني: كل العلاقة تربطهما، فالفرد منّا إن كانت نيته في عمله طاعة الله والعمل على إعمار الأرض كما طلب منا، وقضاء حاجات الناس اعتُبر عمله هذا عبادة يؤجر عليها، هل لك أن تتخيل ساعاتك الطويلة التي تقضيها في العمل وأنت تحصد عليها جميعها أجراً من الله ورضا؟ ثم هل لي بسؤال؟


الأول: تفضل.


الثاني: لقد قلت لي أن أباك هو من يؤمن لك مصروفك وكل ما تشتهي، ترى هل سألت نفسك يوماً ماذا ستفعل إن توفّاه الله بعد عمر طويل؟ أو إن افتقر واحتاج إليك لتعيله؟

اصفرّ وجه الأول ودوّر عينيه حائراً: ها؟!


الثاني: العمل هو ما يميز الإنسان، ويؤمن له رزقه فيعيل نفسه والآخرين بدلاً من أن يكون عالة عليهم، وهو ما يحقق للفرد نجاحه، ويشعره بقيمة نفسه.


الأول: صدقت، أنت على حق في كل كلمة قلتها، سأبدأ حياة جديدة منذ يوم غد.


الثاني: ٌأقلتَ غد!! ومدّ يده إليه وأمسك بكفه يشدّه قائلاً: بل الآن، ضحك الصديقان ومضيا معاً نحو طريق السعادة والنجاح.


للمزيد من مواضيع التعبير: تعبير عن الحوار، تعبير عن آداب الحوار