المقدمة

جلستُ أقرأ في كتاب الله بعض الآيات كما كلّ يوم، فوقفت عند آية كما لم أقف عندها من قبل، وكانت تقول: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا)، تدبّرتها كثيراً، وكان ذلك أثناء مرور أمي حيث أجلس، فسألتني عن سبب شرودي، فأشرتُ إلى هذه الآية، لتبتسم أمّي وتقول: لقد خلقنا الله يا بني وكتب لنا الأٌقدار، فإن كان هو القادر على كل شيء، ومن بيده مقاليد كل شيء، فممَّ نخاف، وممّ نقلق ونحتار!


التوكّل على الله

وتابعت أمّي: إنّ من أركان الإيمان يا محمد الإيمان بقضاء الله من خير وشر، فأقدار الله تعالى كلّها خير حتى وإن بدا لنا ما هو عكس ذلك، وبالتالي فإنّ الإيمان بالله تعالى، وقدرته على اختيار الأفضل لنا، وبأنّه هو عالم بكل شيء، وهو العارف بكل نوايانا، وهو العادل الذي لا يقبل الظلم لعباده سيقودنا بالنهاية للتأكّد بأنّ بيده كل أمرنا، وبأنّ كل الناس من حولنا غير قادرين على أن يضرونا إن لم يكتب ذلك الله علينا، فلمَ الخوف والقلق؟

-هذا صحيح يا أمي، لكن هناك الخوف من المستقبل، ومما فيه.

-عزيزي محمد إنّ التوكّل على الله يعني بذل كل الجهود، والأسباب، والعمل، والسعي ثمّ ترك كل شيء لله تعالى الذي لن يخيّب ظننا، ولن يعطينا أقل مما نستحق، وسيحمينا من كل من يحاول أذيتنا حتى من دون علمنا، فممَّ نخاف ولم نقلق؟

-ولو كان هناك من يجب أن يخاف في هذه الدنيا فالأولى أن تخاف تلك المخلوقات الضعيفة مثل الحشرات التي يمكن لأي شيء في هذه الطبيعة إيذاؤها والقضاء عليها، لكنك تراها تجد وتجتهد فيرزقها الله من غير حول ولا قوة، فهل سينسى الله الواسع العليم الإنسان إذن؟

-معك حق يا أمي، ولكن ما الفرق بين التوكّل والتواكل؟

-بينهما فرق شاسع يا بني، فالتوكّل يعني أن أقدّم ما عليّ من جهد وعمل وأترك الباقي لله تعالى، الرزّاق الكريم، لأنني أثق بأنه لن يضرني ولن يضيع لي تعباً، والتوكّل خُلق المؤمن، أمّا التواكل فيعني التكاسل، وطلب العون من الله تعالى دون العمل والاجتهاد، وذلك خُلق المتقاعس الخائب، فكما قلت لك إن الله عادل يعطي كل إنسان بقدر ما يعمل.


الخاتمة

تعلّمت من الآية الكريمة أن أبذل كل ما في وسعي من جهد وعمل ودعاء، مع طلب العون والتوفيق من الله تعالى، فالتوكل صفة المؤمنين الفائزين بإذن الله.



للمزيد من المواضيع: تعبير عن تعبير عن الصلاة، تعبير عن التسامح