المقدمة

قال الشاعر:

لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً

فالظلم ترجع عقباه إلى الندمِ

تنام عيناك والمظلوم منتبهٌ

يدعو عليك وعين الله لم تنمِ


إنّها أبيات يقشعر لها البدن من شدّتها، فالناظر فيها والمتدبر في معناها لا بدّ أن يقشعر بدنه حينما يدرك أن قضية الظلم أياً كان نوعها ترتفع لتصل إلى يد الله رب السماء لا يد العباد، ولهذا استغرب كيف تنام عين الظالم وهو يعلم أنّ الظلم مرتعه وخيم، وأنّ عاقبته آتية لا محالة! والظلم لمن لا يعرف ما هو الظلم هو عكس العدالة والإنصاف، وهو التعدي على حقوق الناس، وللظلم صور كثيرة في هذه الحياة كلها عواقبها وخيمة.


عواقب الظلم

إنّ الظلم خلق ذميم على الإنسان الابتعاد عنه، فقد حرّمه الله على نفسه وعلى عباده فقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلم حديث عن ربه: (يا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا)، لما له من عواقب وخيمة على الفرد نفسه وعلى المجتمع.


قد يظلم الإنسان نفسه حينما يُشرك بالله تعالى، أو يبتعد عن طاعته وأداء عباداته، أو يهمل في حق نفسه وكل ذلك سيؤدي به إلى التهلكة وغضب الله تعالى، أمّا إن ظلم الإنسان غيره فأكل مال اليتيم مثلاً، أو حرم العاملين عنده من حقوقهم، أو أكل دين دائن، أو لم يوفّ الحقوق إلى أصحابها، أو لم يكن أمينا في عمله، أو أكل ميراث إخوانه أو أخواته، فذلك كلّه يعتبر ظلماً للآخرين ومن عواقبه دعاء المظلومين على الظالم واستجابة الله لهذا الدعاء، حيث إنّ دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، وقد يدعو المظلوم على الظالم أن يبتليه الله في ولده، أو ماله، أو نفسه حتى وهذا الأمر قد يؤذيه كثيراً إن استجاب به الله، بالإضافة إلى أنّ الظالم إنسان منبوذ مكروه، لا يحب أن يتعامل معه أحد، كما أن الظالم تصيبه لعنة الله تعالى، ويحرم من الشفاعة يوم القيامة، هذا بالإضافة إلى أنّ الله تعالى لا يكتب له التيسير والرزق في أموره، كيف يكتبها له وقد أكل حقوق إخوانه؟!


والظالم يصرفه الله تعالى عن الهداية فهل هناك مصيبة أكبر من أن يعمي الله بصيرة الإنسان الظالم فيستمر في ظلمه؟ كما أنّه يعد سبباً للابتلاء،وكثرة المصائب، والعقاب، والدليل على ذلك آيات العذاب التي أصابت العديد من أقوام الأنبياء بسبب ظلمهم.


الخاتمة

الظلم خلق سيئ على الإنسان الابتعاد عنه، والتخلص منه، فهو تجارة خاسرة لا تحقق ربحاً أبداً وإن ظنّ الظالم عكس ذلك، إذ إنّ ليس هنالك ظالم إلّا وقد كسرته دعوة المظلوم، وغضب الله تعالى عليه، فأصيب بالمصائب والابتلاءات، وكرهه الناس، وحُرم من الرزق فما نفعه الظلم بقدر ما ضره، فيا رب أبعدنا عن الظلم والظالمين.