الوطن
الوطن هو تلك المساحة التي خُلقنا من ترابها وتربّينا وكبرنا فيها، وسبقنا آباؤنا وأجدادنا في الحياة عليها، والوطن هو الحضن الأول الذي يشابه حضن الأم، بل الأكثر دفئاً وحناناً، وهو المرجع مهما طال البعاد عنه، فالوطن هو البداية والنهاية، وما بين البداية والنهاية يكون الوطن، فقد قال رسولنا عليه الصلاة والسّلام في حبّ مكّة: (علمت أنّك خير أرض الله، وأحبّ الأرض إلى الله، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت).
حبّ الوطن
يقول الشّاعر محمود درويش عن معنى كلمة الوطن:
"وتسأل: ما معنى كلمة وطن؟
سيقولون: هو البيت، وشجرة التوت، وقنُّ الدّجاج، وقفير النحل، ورائحة الخبز والسّماء الأولى.
أمّا أنا فأقول إنّ الواو في الوطن ولاء، والطاء طهارة، والنون نقاء، تجمعت الحروف في هذه الكلمة معاً لتشكِّل جميعها الوطن بتفاصيله الجميلة، والسّؤال عن الوطن يعكس مدى حبّنا له ومقدار التعلّق به، وبكافة تفاصيله التي يراها الشّخص الغريب عاديَّةً، ويراها ابن الوطن وطناً، فالوطن هو حكاية الحبّ الأولى التي تكبر معنا كلّما كبرنا، وهو ليس مجرّد كلمة تقال، أو شعارات يُهتف بها، بل هو أن نعلم الكون بأننا جنود وطننا وحماته، وأنّه يسكن فينا أينما ذهبنا، ومهما غبنا عنه، حتّى ولو تغرّبنا عنه لسنوات طويلة، أو طول العمر، فارتباطنا به غريزة خُلقت فينا ونمت وكبرت حتى صار حب الوطن يجري فينا كما يجري الدم في العروق.
مظاهر حبّ الوطن
لأنّنا نُحبُّ أوطاننا علينا أن نتعلّم لنعمّرها، فالوطن يحتاج أجيالاً متعلّمة تبنيه على أسسٍ قويّة لأن بالعلم تعمّر الأوطان، وعلينا أيضاً أن نحميها من أي محاولة عدوان، وأن ندافع عنها بأرواحنا عند تعرّضها لأي خطرٍ يهدّد أمنها واستقرارها، كما أنّ علينا أن نغرس حبّ الوطن في قلوب صغارنا منذ الصٍّغر كما فعل آباؤنا وأجدادنا معنا، فقد علّمونا بأنّ أوطاننا هي كنزنا، وكرامتنا، وعرضنا وشرفنا، وعارٌ علينا بأن لا ندافع عنها بأرواحنا، ومن واجبنا أن نتعرّف على ملامح وطننا وتفاصيله، ومميزاته وتاريخه، وأن نتجوّل في كافة مدنه وقراه للتعرف إليها جميعها، ونُطلع عليها أصدقاءنا من البلدان الأخرى ونشجّعهم على زيارة هذا البلد الغنيّ، فالوطن كما عرّفه أحدهم: "الوطن شجرةً طيّبة لا تنمو إلا في تربةِ التضحيات، وتُسقى بالعرق والدَّم"، كما أنّ الحفاظ على ثروات هذا الوطن الطبيعيّة من الاستنزاف، والمحافظة على ممتلكاته من التخريب، وعلى مبانيه ومرافقه من الاتّساخ، وتشجير أراضيه، ومساعدة الفقراء والمحتاجين فيه، والانضمام للجمعيات الخيرية والمجتمعيّة التي تساعد على رقيّه كلّ هذا يُعد طرقاً للتعبير عن حبّنا وولائنا لأوطاننا.
الخاتمة
الوطن هو المهد وبيت الأب والجدّ الذي يجب علينا أن نقدّم له كلّ ما في وسعنا حتى نحافظ عليه ونحميه، ونكون وجوهاً مشرّفة تحمل أسماء بلادها عالياً أمام الكون.
