المقدمة

اليوم وأثناء وقوفنا مع زميلاتنا في ساحة المدرسة قبيل الطابور الصباحي تفاجأنا جميعاً بصديقتنا ندى تُقبل من بعيد وقد ارتدت الحجاب، لتكون بذلك أول فتاة في مجموعتنا المكونة من سبع فتيات في ارتدائه، استغربنا قرارها المفاجئ لكننا سررنا به، وهنأناها عليه، فهو لا شك قرار صائب واحتاج منها إلى صبر وتفكير حتى اتخذته.


جمال الحجاب

رنّ جرس الحصة الرابعة وكنا على وشك الخروج إلى الفسحة، إلّا أنّ معلماتنا فاجأننا بالدخول إلى الفصل وهنّ يحملن قالباً من الحلوى عليه صورة ندى وقد كُتب تحتها (مبارك الحجاب يا لؤلؤة)، وضعت المعلمات القالب على الطاولة وبعض الحلويات الأخرى والعصائر، ودعوننا للاحتفال بصديقتنا ندى التي تورّد خدّاها من شدة الخجل فازدادت جمالاً بالحجاب فوق جمالها، وبعد أن هنّأناها جميعاً وتناولنا الحلوى طلبت المعلمة من ندى أن تخبرنا كيف اتخذت هذا القرار.


قالت ندى: لقد بلغنا الثانية عشرة سنة من عمرنا، وقد كانت فكرة الحجاب تراودني من فترة إلى أخرى إلى البارحة، حيث كنت أقلّب في الفيديوهات الموجودة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، فاستوقفني فيديو لشيخ جليل يتحدّث عمّا نراه اليوم من ملابس فاضحة ترتديها الفتيات، وعن أنّ المسلمة العفيفة يجب أن تحافظ على جسدها الذي وهبها إياه الله بأحسن حال، وأن تشكر الله على هذه النعمة بالستر والحجاب، لا بالمعصية والملابس الفاضحة، وتحدث عن أنّ الإسلام جعل الفتاة درّة ثمينة لا تلمحها أعين اللصوص بل هي مخبأة تحت غطائها كونها جوهرة غالية، وتحدّث عن الثواب الذي ستلقاه الفتاة المحجبة إن هي صبرت على حرّ الصيف، والابتعاد عن الفتن والملابس الضيقة والمكشوفة في سبيل إرضاء الله، وأنّ ذلك كله يهون في سبيل الجنة، وطاعة الله تعالى الذي فرض الحجاب كما فرض الصلاة والصيام وغيرها من فروض، فكيف نختار بعض الفروض لنطبقها كالصلاة والصيام مثلاً، ونستثني الحجاب!.


وكم اشتدّت خشيتي حين تلا الآية الكريمة التي تقول: (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) إذ ليس هناك أمر مباشر أكثر من أن يخاطبنا الله تعالى مثل هذا الخطاب الصريح!، فماذا ننتظر حتى نمتثل لأمره عزّ وجل؟، وهذه كانت قصة حجابي الذي سأحافظ عليه ما حييت، وسأزيّن خُلقي أيضاً ليتناسب معه ومع جماله، والحمد لله الذي هدانا والشكر.


الخاتمة

أتمّت ندى كلامها وإذا بدموعي تنهمر من غير إرادة مني تأثراً بما قالت، فالله هو أوّل وأولى من يجب علينا طاعته، لذا عاهدته منذ يوم غد أن ألتزم بالحجاب الصحيح فهو فرض كما بقية الفروض الأخرى.