المقدمة

يتطوّر العصر ويتقدّم الزمان، فيحمل في طياته اختراعات جديدة كانت في الماضي مجرّد خيال، ويطوي اختراعات أخرى فتذهب أدراج الرياح، وتبقى ذكرى نسمع عنها من أجدادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن هذه الاختراعات التي كانت موجودة بكثرة في قديم الزمان جهاز الراديو، وهو جهاز متوسط الحجم يجيء على شكل صندوق مستطيل على الأغلب له سماعة يستطيع الشخص من خلالها سماع الأصوات وهذا ما رأيته في بيت جدي عندما ذهبت لزيارته الأسبوع الماضي.


الراديو القديم

ذهبتُ لزيارة بيت جدي القاطن في الريف، وبينما نحن هناك طلبت مني جدتي الصعود إلى العلية لإحضار برطمان من الزيتون المخلل، ولمّا صعدتُ إلى هناك وجدت شيئاً يشبه الصندوق الخشبي وله سماعتان، وفي وسطه عجل حاولت تدويره بيدي فدار، لم أفهم ما هذا، فنزلت أسأل جدي عمّا رأيته حاملاً معي برطمان الزيتون الذي طلبته جدتي.


قلت لجدي: جدي، ما ذلك الشيء في الأعلى؟

قال: أيّ شيء يا ماجد؟

قلت: هو صندوق خشبي على شكل مستطيل، وله عجل مستدير في وسطه، وشيء ما يشبه الشاشة المدرّجة في وسطه!.

ضحك جدي وقال: اصعد وهاته يا ماجد إنّه راديو.

قلت: رأيت! كذلك الذي نراه اليوم في السيارات؟

قال: نعم، هو ذا، اصعد وأحضره الآن، فقد أشعلتَ بي الحنين إلى الماضي يا فتى.


صعدت إلى العلية مرة أخرى ونزلت وأنا أحمل الراديو الذي لم يكن خفيفاً بيدي، فقال جدي: ياه ما أجمل أيام الزمن الجميل!، أتذكرين ذلك يا عفاف؟ وأخذ ينفض الغبار الموجود على ظهره، وينظر إلى جدتي المبتسمة.

فقلت: ولمَ يبدو الراديو بهذا الشكل يا جدي؟

قال: مثل الراديو مثل الاختراعات الأخرى يا بني، يبدأ كبيراً ثم يأخذ بالتطور والتبدّل حتى يصل إلى شكل مختلف تماماً نراه في وقتنا الحالي، تماماً مثل الهاتف المحمول الذي كان يزن كيلو جراماً ونصف الكيلو جرام في بداية اختراعه، والحاسوب الذي كان بحجم الغرفة.

فقلت: وما هذا العجل الدوار في الوسط؟

قال جدي: اسمع يا ماجد، لقد كان الراديو في زماننا هو وسيلة الإعلام الوحيدة في ذلك الوقت، حيث لم يكن هنالك تلفاز، أو هاتف نقال، أو إنترنت نتصفح من خلاله مواقع التواصل الاجتماعي، ونتبادل الرسائل من خلالها، فكان الراديو وسيلتنا الوحيدة لمعرفة ما يدور في العالم، أو توصيل الرسائل للأصدقاء والأحباء الغائبين في بعض الأحيان، وهذا العجل الدوّار في المنتصف يا بني هو عجل اختيار القناة التي ترغب في الاستماع إليها، وهو يشبه الزر الذي تضغطون عليه الآن للتنقل بين القنوات في سياراتكم، وهواتفكم النقالة وغيرها.


الخاتمة

حاول جدي وصل هذا الجهاز بالكهرباء فصدر منه صوت مشوش غير مفهوم جعل جدي يبتسم، وأخذ يدور العجلة، فيتغير الصوت، دون أن يصبح واضحاً ومفهوماً، بينما جدي يغرق في ذكرياته ويبتسم، أمّا أنا فرحتُ أمسك هاتفي النقال، وأستمع لبرنامجي المفضّل على تطبيق الراديو بكل سهولة ووضوح.



للمزيد من المواضيع: تعبير عن الهاتف النقال، تعبير عن التكنولوجيا