المقدمة
بالعزمِ والإيمانْ
وهمَّةِ الأبطالْ
قد قاومَ الطغيانْ
في ساحةِ القتالْ
بهذه الأبيات بدأ مراسل القناة الإخبارية لقاءه مع والدة الشهيد الذي سقط مقاوماً الاحتلال اليوم، بينما تجلس هي مبتسمة حامدة الله على مصير ابنها، داعية له بالمغفرة والقبول، وهذا المشهد ليس أول مشهد أراه لأم شهيد تبدو صابرة محتسبة هكذا، ففي فلسطين الحبيبة يُزف كل يوم عشرات الشهداء لأمهات صابرات محتسبات، فلله درّهن!.
الشهداء
ماذا فعل الشهيد حتى يستحق كل هذه الرحمات والمكافآت التي سينعم الله بها عليه يوم القيامة؟ فيُعفى من فتنة القبر، ويرى مقعده من الجنة، ويلبس تاج وقار فيه ياقوتة خير من الدنيا وما فيها، ويزوّجه الله اثنتين وسبعين من الحور العين، ويشفع لسبعين ألفاً من أهله، فهو لا بد إذن أنّه فعل شيئاً عظيماً لا يقدر عليه معظم أهل الأرض، نعم هو كذلك، فهل من السهل أن يقرر الإنسان أن يضحي بروحه، وينهي حياته، ويبتعد عن أهله من أم وأب أو زوجة وأبناء؟ ليقتل على يد عدو غاصب من أجل الله والوطن!، والله إنها ليست بالسهلة أبداً؛ فالإنسان منّا مهما كان تقياً هو يحب الحياة، ويتمسّك بها، ويكره فراق أهله وأصحابه، فيا لقوّة إرادتك أيها الشهيد!.
الشهيد هو إنسان لم يقبل أن تتعرض كلمة الله ودينه للتدنيس، ولا أرضه وطنه للاحتلال والاستغلال، ولم يقبل بالذل والمهانة، فانتفض ثائراً كالرعد في وجه الأعداء، وهو يعلم أنّه إن حمل سلاحه لن يرجع، وإن وصل سيُقتل، ورأى روحه ثمناً زهيداً يفدي به دين الله وتراب الوطن، وسار الشهيد بكل قوة، وأنفة، وثبات يبتغي ثكنات الأعداء، ونطق الشهادة وضغط على الزناد، فأحدث في صفوفهم زلزالاً اهتزوا بسببه ساعات، فأطلقوا عليه الرصاص بعد أن أوقع منهم الكثيرين فأرداهم قتلى، وأعادوا التصويب عليه مرات ومرات للتأكد من موته، فهو يرعبهم حيّا وميتاً.
تناقلت وسائل الإعلام صورة الشهيد تغطيه دماؤه الزكية، وتعلو هامته العالية ابتسامة لم نرها على محيّاه الوضيء من قبل، إنها ابتسامة الرضا، والفخر بما صنع، أما أمه وأخواته فنزلت منهن دمعة مسحنها بأيديهن فوراً، وأطلقن زغرودة مقهورة مليئة بالفخر وصلت إلى عنان السماء، فهؤلاء هم الشهداء طابوا أحياء وطابوا أمواتاً.
للمزيد من المواضيع: تعبير عن الوطن، تعبير عن تضحية المجاهدين في سبيل الوطن