المقدمة
نُقلت أختي إلى المشفى فجأة ليقرر لها الأطباء عملية زائدة دودية، فذهبتُ أنا معها كوني الأخت الكبرى، وبعد خروجها من العملية بسلامة وخير واستقرارها في غرفتها، بدأت بالتجوّل في الطابق بهدوء من شدّة الملل، فأختي نائمة وأنا لا أجد ما أفعله، وفي هذه الزيارة أحسستُ فعلاً بالدور العظيم الذي تقوم به الممرضات في المستشفيات ليل نهار.
الممرضة ملاك الرحمة
في زيّها الأبيض الأنيق تتجوّل بشكل مستمر بين الغرف، وتبقى متيقظة ليل نهار لا تغمض لها عين لعلّ أحد المرضى يطلب منها النجدة، أو أداء خدمة ما، يجلسن في أروقة المشفى لا يعرفن طعم الراحة أو النوم أحياناً؛ حتى إذا دقّ أحد المرضى جرس الطوارئ هبّت إليه إحداهن ترى ما به، وتقدّم له ما يحتاج من إسعافات إن استدعى الأمر لحين قدوم الطبيب، فيتعرضن لضغط أعصاب شديد إلّا أنهن يحافظن على هدوئهن لئلا يصاب المريض وأهله بالخوف أو القلق.
إنّ الممرضة حين تقرر دراسة مهنة التمريض، فإنّها تعطي بذلك وعداً لكل المرضى وذويهم لرعايتهم، وخدمتهم، والسهر على راحتهم، وحفظ أسرارهم، وعدم إفشائها إلّا للطبيب المسؤول، فتُنهي سنينها الدراسية وتبدأ رحلة عملها في المستشفيات مودّعة بذلك أوقات الراحة والنوم الطويلة، فالممرضة تعلم أنّ دوامها سيمتد لساعات طويلة أحياناً، ولأوقات مسائية تمتد إلى ساعات الصباح الأولى، ومع ذلك فهي تُقبل على هذه الوظيفة بحب، وإنسانية، وعطاء، لأنها تعلم أنّها تنتسب إلى صفوف أروع المهن على الإطلاق، وهي المهنة التي بدأتها الصحابيات الجليلات أمثال نسيبة بنت كعب، ورفيدة الأسلمية منذ فجر التاريخ.
ها أنا أجلس لأراقب أختي في سريرها، فتقبل علينا ممرضة باسمة الثغر كل حين، فتارة تراقب ضغطها، وتارة تراقب نبضات قلبها، وتارة تقدم لها وجبات الطعام، وتارة تبدّل لها عن جرحها، وكل ذلك وهي تطمئنها بأنها ستكون أفضل بإذن الله، وتقدم لها النصائح التي ستساعدها على التعافي، إنّ مهنة التمريض حقاً مهنة إنسانية مشرفة، وكأنها الوجه الآخر لمهنة الطب.
الخاتمة
ما أجمل الممرضة بزيّها الأبيض النقي، وقلبها الكبير، وروحها المحبة للخير، والتي تدفعها لممارسة هذه المهنة رغم صعوبتها لتخفيف آلام المرضى، والمساعدة على شفائهم، فأسراب الممرضات الساهرات على راحة المرضى كأسراب الحمام البيضاء الجميلة التي يطمئن الإنسان عند مشاهدتها.
للمزيد من مواضيع التعبير: تعبير عن مهنة الطبيب، تعبير عن المعلم