البحر
يعجز الإنسان أحياناً عن وصف بعض الأشياء في هذا الكون لجمالها، والبحر واحدٌ من هذه الأشياء التي حاول الشعراء والأدباء أن يصفوه بكلّ ما يملكون من مفردات رجعت إليهم قاصرة عن وصفه، ولم تُحِط منه سوى بالقليل، وقد كان من تلك المحاولات ما قاله الشاعر جبران خليل جبران:
والبحر ما أسناه في صفو وما
أبهاه في الإرغاء والإزباد
يا بحر يا مرآة فخر خالد
أبقوه في الأبصار والأخلاد
وصف البحر
يقف الناظر أمامه متأملاً روعة الخالق المتمثّلة في زرقته البديعة وقت الظهيرة، أو تداخل ألوانه الرائعة وقت الغروب، فتأخذه رائحة النسيم السحريّة التي وهبَها هذا البحر للجو فغدت أجمل من عطور باريس وإن اعتصرت في زجاجة، وما إن تستكين نفسه لهذه الرائحة حتى يخطف ناظريه بريق مياهه التي تنعكس بها أشعة الشمس الخجولة لتغدو متراقصة كفتاة صغيرة تعلّمت الرقص لتوّها، وتسرقه من هذا كلّه مناظر المراكب، والقوارب، والسفن العملاقة المحمولة بخفّة لا تعادلها خفّة على سطحه والنوارس تحرسها كالجنود من كل اتّجاه لتزيد هذا المنظر الجماليّ روعة وسحراً.
أمّا أعماقه فبحث آخر فيه تكتنز الدُّرر، ويحتار من غاص فيه ونظر، فهي حياة فوق الحياة يرى فيها الناظر مخلوقات ليس لها عدد ولا حصر، كبيرة وصغيرة، أليفة ومتوحشة، ملوّنة وداكنة، وفيه النباتات والأعشاب، والمرجانيّات بديعة المنظر، كما يستقرّ فيه ما ابتلعه هذا البحر العظيم عبر العصور من سفن، وغوّاصات، ومراكب لم تصمد أمام سطوته فغدت تزيّنه كعقد يزيّن جيد حسناء جميلة ويشهد على التاريخ.
أهميّة البحر
للبيئة البحريّة خصائص تجعلها بيئة مناسبة للتّسرية عن المحزون، وبثّ الأمل في نفس اليائس، والتنفيس عن المكروب، بالإضافة إلى كونها مقصد ترفيه تجد فيه العائلات ملاذها للاسترخاء، والاستمتاع بعد تعب طويل، وأعباء الحياة اليوميّة، وذلك أبسط فوائده، أمّا أعظمها فيكمن في أنّه مصدر من مصادر مياه الشرب على وجه الأرض بعد تحلية مياهه بما يناسب من طرق، ومصدراً لحاجات الملايين من البشر الغذائيّة بما يحتوي عليه من ثروة سمكيّة هائلة تتمثل بالأسماك، والمحاريّات، وغيرها من الأنواع، كما أنّه وسيلة من وسائل النقل التي عرفها الإنسان منذ فجر التاريخ وحتى يومنا الحاضر، بما يحمله من سفن وبواخر، ومراكب لنقل البضائع والركّاب حول العالم، بالإضافة إلى كونه مصدراً لتلطيف جو الكوكب عبر ما يتبخّر منه من مياه قبل تكاثفها من جديد، وهطولها ثانية في مسطّحاته.
الخاتمة
في البحر أسرار عظيمة يلقيها فيه كلّ حزين، وفيه أيضاً فوائد جمّة للإنسان تُختصر في كونه مصدراً لغذائه، وشربه، وترفيهه؛ وهو ما يُحتّم عليه الاهتمام بهذا النوع من المسطّحات المائيّة من التلوّث بشتى الطرق، حيث يُعتبر ذلك نوعاً من شكر النعم، وطريقاً لحفظها وعدم التفريط بها وفي مستقبل هذا الكوكب.