الموضوع الأول

المقدمة

أخبرتني أمي بأن محل بقالة وخضار وفواكه جديد قد افتُتح في الحي البارحة، فقررت أن أنزل وأبتاع منه ما نحتاج من حاجيات للمنزل اليوم، دخلت إلى المحل وسلمت على صاحبه، فإذا به شاب بهي الطلعة، حسن الوجه، فعرّفته بنفسي، ثم أخذت أختار ما أحتاج من مشتريات حتى أتممتها، ومددتها إليه فتناولها مني واتّجه نحو رف الطماطم ليزيد على ما أخذتُه حبتين، فكانت الصدمة!


ذوو الهمم

لم يقم هذا الشاب الوسيم عن كرسيه ليحضر ما أراده، بل كان كرسيه هو الذي اصطحبه إلى هناك! نعم، فهذا الشاب الوسيم كما اتضح لي من أصحاب الهمم، هو شاب لم تثنيه إعاقته عن ممارسة حياته الطبيعية مثل باقي البشر، تشتت تركيزي فجأة، فلاحظ الشاب ذلك وابتسم وقال: ما بالك أيها الشاب؟ نعم أنا شاب من أصحاب الهمم، قررت أن أتابع حياتي دون أن تثنيني إعاقتي عن شيء، فاعتذرتُ له، وأخبرته أنّ الأمر مجرّد مفاجأة لا أكثر، وأنني معجب به وبإصراره بالطبع، فقال: لا داعي للاعتذار يا أخي، فنحن نلمح أصنافاً من نظرات الآخرين إلينا، نظرتك ألطفها.

فقلت: ماذا تعني؟

قال: ينظر لنا الكثيرون باشمئزاز، لا سيما إلى زملائي الذين يعانون من إعاقة قد أثّرت في شكل أطرافهم أو وجوههم أو غيرها، فيما ينظر لنا البعض نظرة شفقة، وآخرون نظرة استغراب، وقلة ينظرون إلينا نظرة إعجاب وتقدير، لكننا مع الوقت بدأنا نعتاد هذه الأمور رغم قسوتها.

قلت: أعتذر مرة أخرى، واعتبرني من أولئك الذين يكنّون لك الكثير من الإعجاب والتقدير، فأنتم الأفضل بما قبلتم به من ابتلاء اختاركم الله تعالى له؛ ليجزيكم به خيراً وثواباً، وأنتم الأقدر بإصراركم، وأملكم، وثباتكم، وأنتم الأقوى بمواجهتكم لكل مصاعب الحياة، لذا عليكم أن تفخروا بأنفسكم لا أن تخجلوا منها، وأن تدركوا بأنّ الله (ميّزكم) عنّا، ومنحكم ما أنتم فيه كمنحة.

قال الشاب الذي يدعى ريان: نعم، الحمد لله على كل حال دوماً، وأزاح الميزان من أمامه قليلاً ليتناول الكيس، فإذا بكتاب قد كتب عليه (مدخل إلى علم التشريح) ظهر من خلفه، لم أصدق عيني، فقلت له: وقارئ فذّ أيضاً؟

ابتسم وقال: بل طالب طب، وجراح ناجح في المستقبل إن شاء الله.

صُعقتُ مما قال، لكن الفرحة تملّكت قلبي، وقلت: لله درّك ما أروعك!.

فقال: نحن كأصحاب همم حُرمنا ما حرمنا منه، فأحدنا فقد قدرته على السمع، والآخر على الحركة، وثالث على الكلام، لكننا لن نسمح لظروفنا ولنظرة المجتمع بأن يحرماننا أحلامنا، بل على العكس سنتوجه لها بكل ما نملك؛ لنثبت للعالم أجمع أنه لا ينقصنا شيء.


الخاتمة

ابتسمت وقد اغرورقت عيناي بالدموع، وطلبت من هذا الشاب النبيل أن نصبح أصدقاء، فصحبة مثله بالنسبة لي شرف، ووجوده في حياتي سيصنع أثراً إيجابياً كبيراً، وسيعطيني دفعة دوماً، فوافق الشاب بكل أنفة وكبرياء ولطف، وعدت أنا إلى البيت سارحاً مع نفسي، وأنا أقول صدق من سمّاكم "أصحاب الهمم".



الموضوع الثاني

المقدمة

قال المتنبّي مرّة:

عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ

وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ

وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها

وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ


تختصر هذه الأبيات سرّ النجاح الذي يُوهب لأصحاب الهمّة العالية من الناس، وما الهمّة العالية سوى رغبة الإنسان في تحقيق ما يصبو إليه رغم ما يحيط به من ظروف ومعوِّقات، والهمّة هي العزيمة العالية، وعدم الاستسلام، والطموح المستمر الذي يدفع الإنسان دوماً لبذل كلّ جهده دون كلل أو ملل، فلا يقف صاحب الهمّة في محطّات الفشل واليأس التي قد يمرّ فيها أيّ واحد منّا كثيراً؛ لإيمانه بأنّ أعظم السفن لا بدّ أن تسير عكس الريح حتى تصل.


أصحاب الهمم

إنّ من بعض الأشياء التي طرأ عليها تغيير إيجابي في مسمّاها مصطلح (أصحاب الهمم)، والذي أطلقته دولة الإمارات لأول مرة على ذوي الاحتياجات الخاصة عام 2017م، وهو ما كان له الأثر الكبير في حدوث الكثير من التغييرات الإيجابيّة لديهم، وأصحاب الهمم هم شريحة من النّاس الذين يعانون من بعض الإعاقات الحركية، أو السمعية، أو البصرية التي لم تعيقهم عن الانخراط بالمجتمع والتفاعل فيه، وهو ما أدركته الدول مؤخراً ففتحت لهم أبواباً كثيرة لمساعدتهم على تخطّي ما يشعرون به من اختلاف، فكان ذلك بتغيير مسمّاهم لِما للكلمة من أثر في نفوسهم، فاستبدل لقب " المعاقين" أو "ذوي الاحتياجات الخاصة" بمصطلح ذوي الهمم الذي كان له دور كبير في حفزهم وخطوهم خطوات كثيرة إلى الأمام.


نادت الدول في حقّهم في تلقي العلم وجعلته إلزميّاً لبعض الصفوف، بالإضافة إلى السماح لهم بالتوظُّف في كافّة الدوائر الحكوميّة والخاصّة في حال توفّر المؤهلات المطلوبة، وتشمل هذه التسهيلات أيضاً تأمين الرعاية الصحيّة المناسبة لهم، وفرص العمل المختلفة لهم، وإمكانية ارتيادهم لدور العبادة والأماكن العامة، والحرص على أن تكون مرافق هذه الأماكن مهيّأة لاستقبالهم وتنقّلاتهم كما في الطرق، والحدائق، والمستشفيات وغيرها، حيث تهدف القوانين من وراء ذلك إلى حماية أصحاب الهمم من كافّة أشكال التمييز والإيذاء اللفظي، والنفسي، بالإضافة إلى دمجهم مع المجتمع، وتعزيز كرامتهم واحترامهم، واستغلال قدراتهم ومواهبهم الكامنة لخدمة أنفسهم وخدمة المجتمع.


الخاتمة

أصحاب الهمم هم شريحة من المجتمع يجب على الأفراد مراعاتها، وحمايتها من كافة أشكال الإساءة والتمييز، وعدم النظر لهم كعالة على المجتمع؛ لضمان انخراطهم في المجتمع والاستفادة من قدراتهم الكامنة، والوصول إلى مجتمع عادل وآمن تتساوى فيه الفرص بين أفراده كافّة.



للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن العمل، موضوع تعبير عن الشباب