الصدق

قال نور الدين السالمي:

الصدق قل وذر الكذب

فالصدق ينجي في العقب

والحق فانشره ولا

تخشى الدوائر تنقلب


في الأبيات سالفة الذكر دعوة مباشرة للالتزام بخلق الصدق في كلّ الأحوال، والابتعاد عن خلق الكذب الذميم مهما كانت الظروف، ففي الصدق تكمن النجاة وكل حميد، وفي الكذب يكمن الفُحش وكلّ سوء.


أهمية الصدق

تكمن أهميّة الصدق في كونه طريقاً للوصول إلى رضا الله عزّ وجلّ، وفي قول رسول الله صلّى الله عليه وسلم تصديق لهذا حين قال: "عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ ويَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وإِيَّاكُمْ والْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا".


فالصدق من البر، وكيف للبرّ ألّا يقود صاحبه إلى الجنّة! والمرء إذ يصدق يكسب احترام نفسه لنفسه، واحترام الآخرين له، وينال ثقتهم فيأتمنونه على أنفسهم، ومالهم، وأعراضهم وغيرها من أمور تخصّهم، وليس في ذلك عجب، فالصادق الذي لا يقول إلّا حقّاً سيحرص على أن تكون أفعاله بيضاء دوماً لا تشوبها شائبة؛ لأنّ لا سبيل عنده إلّا قول ما حصل وبالتالي على أفعاله أن تكون غاية في الرقيّ والقبول ليلاقي ربّه والناس بها، فلا يخجل من الإفصاح عنها، أو البوح بها، أمّا الكاذب فخاسر لرضا ربّه وقيمة نفسه في عينه وفي أعين الآخرين، يحسب أنّه قادر على مداراة سوء عمله بسوء قوله الذي هو الكذب.


وقد يحسب أحدهم أنّ في الكذب منجاة، وفي قول الصدق وقوع في المآزق والمشكلات، وذلك بالقطع خاطئ فحبل الكذب قصير بل منقطع مهما طال، وقول الكذب وإن أنجى صاحبه مرّة فإنّه لا بدّ أن ينكشف تاركاً صاحبها وقد سقط في مصيدة كذبه هذا صريعاً لا يثق به الناس بعد ذلك، أمّا الصدق فمنجاة عظيمة وإن سبّبَ لصاحبه بعض المشكلات، كيف لا والله هو حليف الصادقين يتولّاهم، ولا ينساهم، ويعدهم بأن تكون الجنّة مكان خلودهم ومأواهم!، لذا على الفرد منّا تحرّي هذا الخلق العظيم، والتوكّل على الله دون السماح للشيطان بالوسوسة له عبر تذكيره بما يمكن أن تكون عليه عواقب الأمور إن صدق، وتشككيكه بأنّ الكذب أنفع.


مواطن الصدق

للصدق مواطن عديدة لا تعدُّ ولا تحصى، فعلى الإنسان أن يكون صادقاً في أقواله وأفعاله، فلا يقول إلّا ما حدث بالفعل وبدقة لأن في تحريف بعض الكلام مشاكل لا سقوف لها، وعليه أن يكون صادقاً في معاملاته أيضاً، فلا يخلف وعداً، ولا ينكث عهداً، ولا يغش فرداً لأن الغش هو كذب بوجه آخر، وهو نقيض الصدق والطهارة، وعليه أيضاً أن يكون صادقاً مع نفسه فيبدي لها عيوبها بشفافية ويعمل على تداركها وإصلاحها دون مداراة أو نفاق.


الخاتمة

لا نجاة بدون صدق، ولا فلاح بالكذب، فالخير لا يجرُّ إلّا خيراً، والسوء لا يجلب إلّا شرّاً؛ فلنكن حريصين على ما نزرع لنحصد دوماً أطيب الثمر.