التنمّر
التنمّر هو ذلك المصطلح القديم الحديث الذي يشير إلى ما يُلحقه فرد أو مجموعة من الأشخاص بفرد آخر من أذى نفسيّ نتيجة لشتمه، او نعته بصفات سلبية غير مرغوبة، أو تهديده بما يمتلكونه من معلومات وابتزازه، وقد نهى الدين الإسلاميّ والأديان كافّة عن هذا السلوك الذميم، وكان ممّا نزل في محكم التنزيل قوله تعالى: (ويل لكلّ همزة لمزة)، حيثُ أُشير إلى الإيذاء اللفظي بكلمة الهمز، أما الأذى السلوكيّ فأشير له بالّلمز كما ورد في بعض التفسيرات، وفي الآية الكريمة دليل واضح على تحريم هذين السلوكين بشكل مطلق لضررهما.
آثار التنمّر
للتنمّر آثار سلبيّة كثيرة تنعكس على الفرد والمجتمع، إذ يعدُّ انعدام ثقة الشخص المتنمّر عليه واحدة من هذه الأضرار، فيما قد يتسبّب هذا السلوك بانعزال الفرد وتجنّبه لنشاطاته اليوميّة المعتادة، وبالتالي إيقاف عجلة حياته ودخوله في بعض الأحيان في دوّامة غير منتهية من الإحباط، والاكتئاب، أو قد تتسبّ له بمشاكل في تغذيته وصحّته الجسديّة، وتحصيله الدراسي على أقلّ تقدير، فيما يشعر بعض هؤلاء الأشخاص بسخط كبير على الأفراد والمجتمع، وهو ما قد يدفعه للانتقام بطرق غير محبّبة مثل تخريب ممتلكات المكان الذي يتعرّضون فيه لهذه الظاهرة كالمدرسة، أو مكان العمل مثلاً، وللناظر أن يتخيّل حجم الضرر الذي سينتج في المجتمعات عند انتشار هذه الظاهرة وتزايدها، وما سينتج عنها من اضطرابات سلوكيّة، ومشاكل نفسيّة لدى الأفراد، فيما لا تتوقّف هذه الآثار عند الشخص الضحيّة فقط بل تتعدّاها لتصل إلى أهله وذويه، فتشكّل لهم معاناة دائمة نتيجة لعدم قدرتهم على حماية ابنهم ممّا يعاني منه، وإيقاف ما يشعر به من مشاعر سلبيّة أليمة.
واجبنا تجاه هذه الظاهرة
تنعكس صورة المجتمعات من خلال سلوكات الأفراد فيه، ووعيهم بما يجب فعله وما يجب تجنّبه، وإدراك خطورة هذه الظاهرة البغيضة يجب أن يدفع الأفرّاد لتجنّبها لإيمانهم بضرورة احترام أخيهم الإنسان مهما كان شكله، أو مستواه الاجتماعي، أو الاقتصادي أو غيرها من الأمور، وإدراكهم أنّ في هذه الاختلافات يكمن أساس الحياة، في الوقت الذي يستطيع فيه الشخص نفسه مساندة الشخص الذي يتعرّض للتنمّر بدعمه، وبناء علاقة صادقة معه ممّا يساعد على انتشاله ممّا يعانيه، ورفع ثقته بنفسه من جديد، بالإضافة إلى تذكير الصحب وغيرهم ببشاعة هذا السلوك، وضرورة تجّنبه، والانشغال عنه بما فيه فائدة للنفس والمجتمع.
الخاتمة
خلقنا الله تعالى على اختلافاتنا ليكمّل بعضنا بعضاً، وأمرنا بالتعاون على البرّ والتقوى، وعدم التعاون على الإثم والعدوان، والتنمّر صورة من صور هذا التعاون السلبي الذي يتسبّب في الإطاحة بفرد من أفراد المجتمع وهدم مستقبله بطريقة غير مباشرة، وهو ما يوجب علينا العودة عنه، والانشغال بما فيه منفعة لمستقبلنا، ومستقبل مجتمعاتنا التي لا تزدهر إلّا بالمحبّة، وتقبّل الآخر.