المقدمة
أمر الله تعالى رسوله الكريم محمد -صلى الله عليه وسلّم- بالدعوة، وتأسيس مجتمع إسلامي قيِّم يقوم على دعائم ثابتة من الأخلاق الحميدة، وكان مما هزّ كيان هذا المجتمع في مرة من المرات حادثة الإفك التي طالت السيدة عائشة -رضي الله عنها-، والتي كان أساسها شائعة مغرضة طالت ثوب عفافها الكريم ظنّاً ممّن أطلقها أنها ستدنسه، لكنّها لم تدنّس غير صاحبها بعد ثبوت براءة السيدة عائشة -رضي الله عنها- في القرآن العظيم، وإن سأل سائل ما العبرة من قصة كهذه؟ نقول هي تأديب لأتباع دين كامل يطال آفة الشائعات، منذ ذلك الحين وحتى مغيب شمس هذه الدنيا وأفولها.
آفة الشائعات
جاء اسم هذه الآفة من معناها على الأغلب، فالشائعات تعني ما يشيع في المجتمعات والأوساط من أخبار وينتشر لكنّها أخبار كاذبة، فهي أقاويل نسجها البعض حول الآخرين لأهداف ما، وربما من دون أهداف، وأنا أقول قولي هذا ميقناً أنّ بعض مطلقي الشائعات يطلقونها دون أسباب تذكر سوى إشباعاً لرغبتهم في أن يكونوا ذلك المدفع الذي يدوي بخبر جديد بغض النظر عن صحته، وسلامة ما جاء فيه، وهم لا يعلمون أنّهم يرتكبون بذلك إثماً لا قدرة لهم على حمل ثقله يوم الدين.
أسباب إطلاق الشائعات
لكل داء يصيب فرداً من الأفراد سببٌ على الأغلب، وإن السبب الرئيسي في إطلاق البعض للشائعات هو مرض النفوس، نعم فمرض النفس هو ما يدفع بعض الأشخاص لإطلاق الأكاذيب حول الآخرين دون الأخذ بعين الاعتبار مخافة الله، وعِظم ما هم مقبلون عليه، أمّا الأسباب الفرعية فمنها الضغائن، والأحقاد، والحسد، والرغبة في الانتقام، فبعض ضعاف النفوس يطلقون الشائعات حول منافسيهم في مجال من المجالات بدواعي المشاعر السابقة لهزّ كيانهم، وزعزعة سمعتهم التي اجتهدوا لبنائها على الأغلب، وهم بذلك يثبتون ضعف ثقتهم بأنفسهم عندما يسعون لهدم ما بناه الجميع لإثبات علو ما بنوه هم، في وقت كان يمكنهم فيه المنافسة الشريفة وإثبات الذات.
تحريم الشائعات
حرّم الله إطلاق الشائعات والخوض فيها؛ لما في ذلك من تأثير على الفرد وعلى المجتمع، وبيّن أنّ اللسان آفة على الإنسان حفظه إن أراد دخول الجنة، وأنّ نقل الأخبار أيّا كانت يستلزم من الإنسان التثبّت والتبيّن من صحتها قبل الخوض فيها، فقال في كتابه العزيز: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ﴾، فالشائعات تؤثر على الفرد المقصود فيها تأثيراً سلبياً، فتدخله حالة من الحزن والاكتئاب، وقد توصله للانتحار للخلاص أحياناً لا سيما في زمن التكنولوجيا التي باتت الأخبار تنتشر فيه انتشار النار في الهشيم، كما أنّها تُضعف ثقة الفرد بنفسه وفي المجتمع، وتجعل المجتمع هشاً، متضعضعاً يأكل فيه الأخ لحم أخيه بدلاً من الدفاع عنه وحمايته.
الخاتمة
الشائعات آفة علينا التصدي لها، والوقوف في وجه مطلقيها كجدار منيع، فكم سيؤتينا الله من ثواب إن كنّا سبباً في إطفاء نار شائعة كاذبة كانت ستطال أحداً إن نحن سكتنا عنها ولم نتناقلها!، فالدين الإسلامي دين قوي يدعو للنبل ونحن لهذا أهل.
للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن الصدق، موضوع تعبير عن الأمانة
