المقدمة
لطالما تغنى الشعراء بالمظاهر الطبيعية كافة، فهذا تغنى بالسهول وجمالها، وذلك كتب عن البحر، وآخر كتب عن الجبل، وكان مما كتبوا عنه تلك الصحارى التي تغطي مساحة كبيرة من تضاريس الأرض، والتي كانت تعني للعربي القديم الكثير، إذ كانوا يرافقونها وترافقهم أشهر عديدة وأحياناً سنوات في سفرهم، إذ لم يكونوا يعرفون وسيلة نقل تعينهم على ذلك آنذاك سوى الخيول والجمال، لذا شاهدوا من جمالها، وأهوالها ما لم نشاهده نحن اليوم.
الصحراء المخيفة
عاش العرب قديماً هاجساً يسمى الصحراء، وذلك لأنّها كانت سبيلهم الوحيد إلى بعض البلدان والرحلات، في الحين الذي كانت وسيلة نقلهم الوحيدة وقتئذ الخيول والبعير، فكان الرجل منهم إذا خرج إلى سفر ودّع أهله والأصحاب توديع مهاجر غير عائد، فهذه الصحراء قاسية جداً لا تعرف صغيراً أو كبيراً، قد تلتقف الإنسان دون رحمة وتصرخ هل من مزيد! وكأنّها غول جائع لا بد من المرور في طريقه للوصول إلى ضفة النجاة.
هذه الأرض واسعة مقفرة، أسماها العرب قديماً أسماء عدة تعبر عن طبيعتها المخيفة، إذ سموها تارة البيداء، وهي الصحراء الخالية التي تبيد من يسلكها وتهلكه، وتارة التيهاء وهي الأرض الواسعة الخالية من أي معالم، والتي يتيه فيها الشخص إن لم يكن من أصحاب المعرفة والدُربة، ومرة سموها الديمومة وهي الأرض التي يدوم فيها المشي ويطول، وأيّ مشي ذلك الذي يكون في أرض قاحلة، رمالها ذهبية حارقة تكاد تُشعل أقدام من يلامسها!، وذات درجات حرارة أقل ما يقال عنها أنها مميتة لا سيما في ساعات الظهيرة، وكيف لا تكون كذلك وهي أرض تخلو من الأشجار في طبيعتها إلّا ما رحم ربي من الأشجار والنباتات البرية الصغيرة؟ وهو ما ينعكس على طبيعة جوّها، والحياة فيها بشكل عام.
في هذه الأرض المخيفة تقف في بدايتها دون أن تعرف ماذا ينتظرك، فكثبان رملية تسلّمك لكثبان، ولا دلائل ولا عمارة، ولا شيء تراه سوى الجبال والرمال، وبعض نبت صغيرٍ هنا وهناك، دليلك الوحيد وأنيسك هناك هو ما امتطيته من دابة، وما ستهتدي به من نجوم، وإن أنت لم تحمل معك ما يكفيك من طعام وماء لسفرك فقد هلكت، إذ لن تجد هناك من الماء ما يروي عطشك، ومن الطعام ما يسدُّ جوعك، أما عن البيات فيها فله شأن آخر، فهو عذاب من العذابات، كيف لا وهي أرض لا نور فيها ولا إنارة سوى ضوء النجوم والقمر؟ وهبوب الريح فيها كأنّه زمهريراً، وأصوات عواء الذئاب والضباع خلالها يقض مضجعك من كل ناحية؟، ناهيك عمّا قد تصادفه من أفاعي سامة وعقارب سوداء مميتة وغيرها، رباه كم هي قاسية هذه الصحراء!.
الخاتمة
لكل نوع من أنواع التضاريس خصوصيته وميزاته، والصحراء وإن تغنّى بعض الشعراء بجمال جبالها، ورمالها الذهبية، وسمائها، فقد كتب النصف الآخر فيما واجهوه فيها من عذابات وويلات، وما قاسوه أثناء سفرهم خلالها.
للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن الطبيعة، موضوع تعبير عن وصف منظر طبيعي في الشتاء.