المقدمة
قال العرب الحكماء قديماً نصيحة لا تقدّر بجبال من ذهب، حيث قالوا: "لا تنحنِ أبداً فربما لم يتح لك أن ترفع ظهرك مرة أخرى"، أما أنا فأقول: لا تنحنِ أبداً فإنك لن تستطع بعدها أن ترفع ظهرك مرة أخرى، كيف لا وهذا العالم فيه من البشر الاستغلاليين الذين ينتظرون انحناءك الكثير، لذا فليكن شعارك العزة والرفعة مهما قست عليك الأيام، وخاصمتك الظروف.
الظلم يصنع الطغاة
سمّى الله نفسه بالعدل، وحرّم على نفسه الظلم، وحرّمه بين عباده، إلّا أنّ من خرجوا عن أمره، وخالفوا شرعه، وعاندوا آياته رفضوا العدل بكل ما آتاهم الله من سلطان، وعاثوا في الأرض فساداً لا يقدر على ردّه سواه، وظنّوا بأنّ سلطانهم هذا لا حدّ له، فراوحوا يستعبدوا بعض البشر، ويستغلونهم أبشع استغلال لتنفيذ رغباتهم وأهوائهم، وأقول بعض البشر لأنّ البعض الآخر عصيّ على الهوان، منيع أمام الاستغلال والاستعباد، رافض للذل مهما كلّفه الأمر، عارف بأنّ قبول الذل والظلم هو ما يصنع من الطغاة طغاة.
لا للضعف
علينا أن نربي أولادنا منذ نعومة أظفارهم على العزة والكرامة، وأن ننبذ ذلك المثل الذي ينادي به الكثيرون "امش إلى جانب الحيط واطلب الستر"، فمن يمشي إلى جانب الحائط طالباً الستر لن يلقاه دوماً، ولا بدّ أن تعصف الحياة به وتلقيه في إحدى طرقها الوعرة يوماً، فتصفعه صفعة ظالم طاغ وحينها لن يستطيع ردّها، ولن يجد أمامه سوى ابتلاع مرارتها، وتجرّع طعم أول صفعة ذل وهوان، وترى هل سينتهي به المشوار هنا! بالطبع لا فانحناءة ظهر واحدة ستكلفه عمراً كاملاً من الذل والصغار، ستفتت روحه، وتلغي شخصيته، وتسحق أحلامه أمام نفسه أولاً، وأمام أبناءٍ قبل عليهم أن يروا فيه نموذجاً من الذل والخنوع، والأهم من ذلك كله، أنّه سيضع أول حجر في تمثال طاغ لن يرى نفسه منذ اليوم سوى فرعون!.
واجبنا تجاه الطغاة
لا يخلق الطغاة سوى قبول الذل والخنوع، والاستسلام والقبول، وكل كلمة (نعم) قيلت بدلاً من كلمة (لا) كان يجب أن تُقال في وجوههم، وإن سألنا عن سبب وجود فئة من الأشخاص المظلومين المستضعفين فسأجيب بأنّ السبب هو عدم شعور أولئك بقيمة أنفسهم، وعدم رفع قامتها العالية في وجه كل من يحاول النيل منهم، والسكوت عن كل كلمة سيئة قيلت في حقّهم، فكلّ ذلك وضعهم على طريق الهوان والذل، وشجّع الطغاة على أن يتعاظموا، ويكبروا أكثر فأكثر في الوقت الذي كانوا يستطيعون فيه نسف تماثيلهم الكاذبة قبل أن تعلو أصلا!.
الخاتمة
الله عزيز لا يقبل لعباده سوى العزّة، خلق الناس سواسية لا فرق بينهم سوى بالتقوى، فترى لم تسمح لغيرك أيها الإنسان المكرّم باستضعافك واستغلالك؟! أبحجة الرزق تفعل ذلك؟ كيف هذا والله هو الرازق، ورزقك مقسوم لك ولو كان في بطن الأرض مندثراً!، لذا انفض عنك غبار وهنك، وعاهد نفسك منذ اليوم على تكريمها، ورفعها فوق كل طاغ، فالسكوت عن الظلم هو ظلم أكبر، وهو ما يصنع الطغاة.
للمزيد من المواضيع: تعبير عن إبداء الرأي، موضوع عن الظلم