المقدمة

قال إيليا أبو ماضي يوماً:

أي شيء في العيد أهدي إليكِ؟... يا ملاكي وكل شيء لديكِ.


وها أنا أقتبس قوله هذا لأعلقه كرتاً على هدية بسيطة كنت قد أحضرتها لك وأنا قادم من عملي يا أمي بلا مناسبة، أيّتها المرأة التي لا تطلب شيئاً وتستحق كلّ شيء، هديتي هذه مهما غلا ثمنها لا تساوي شيئاً أمام عظمتك، وقيمتك، وعنفوانك، أهدي لك هديتي هذه، وكلّي خجل مما أقدّمه أمام ما تقدمينه أنت يا أمي، فنحن وإن قدّمنا لك شيئاً مما في العمر، فقد قدمت أنت لنا العمر بحاله بمحبة وطيب نفس، فيا أعظم النساء قولي لي بربك ماذا أهديك وكل شيء لديك!.


سيدة الأعياد

نحتفل بالأعياد يا أمي وأنت فرحة العيد، فلم ننتظرها حتى نقدّم لك من الأشياء ما يشعرك بأنك دوماً في القلب والروح، وبأنّ جهدك الذي تبذلينه بلا غرض تبغينه ولا مقابل محفوظ غير مهدور، احترتُ بما أقدمه لك أأقدم لك عقداً من اللؤلؤ وأنت التي تطاول جيدك رفعة وعزة وكرامة، فما احتاج زينة بعدها؟ أم أقدم لك تاجاً من الألماس وأنت التي لبست الجلال تاجاً فتزين بها؟ أفكر أن أهديك ثوباً مورّداًً، لكنّ وروده ستذبل خجلاً حين تلمح جمالك، وأخيراً قررت أن أهديك ورداً يانعاً، فخفت ألّا يميزك أبي عنه عند عودته من العمل يا أجمل الوردات والملكات، فقررتُ أن أهديك سواراً ذهبياً يتزين بمعصمك الذي ما توانى يوماً عن تمهيد طريق الحياة أمامنا، حتى غدونا شباباً كما نحن الآن.


غلفتُ هديتي، ورششتها عطراً لن يفوق جمال عطرك يا خلاصة عطور الجنة، ودخلتُ خلسة واضعاً هديتي إلى جانب مخدتك، متسللاً إلى غرفتي دون أن تشعري، وما هي إلّا دقائق حتى رأيتك مقبلة إلى غرفتي بقامة عالية، وابتسامة كأنها طلوع الشمس من جمالها، وعينين لامعتين كأنهما بدر الشهر في تمامه تحملين الهدية، وقد غمرتيها بقلبك قبل أن تغمريها بيديك، فاحتضنتني بشدّة وكان هذا العناق هو ما أطمح له يا أمي، فكل الأماكن على اتّساعها لا تبدو دافئة ومريحة مثل حضنك، وقبلتِ رأسي وأمطرتني بوابل من الدعوات التي هي أحب إلى قلبي من أعظم قصائد الشعراء، وشكرتني قبل أن تفتحي هديتي حتى!


فسألتك علام تشكرينني يا روح الفؤاد وأنت لم تلمحي ما في العلبة حتى اللحظة؟ فأجبت بذات الابتسامة: على وجودك في حياتي أنت وإخوتك يا حبيبي، وعلى رفق شعورك، وتقديرك يا من أنت دوماً عند حسن ظني، فهديتك وقعت في قلبي قبل أن أعرفها ومهما كانت؛ لمجرد تفكيرك بي.


الخاتمة

شكرتِني يا أمي وأنت لا تدرين بأنك من يجب علينا شكره ليل نهار لوجودك في حياتنا، طلبتُ منك فتح الهدية، ففتحتها وقد طار قلبك فرحاً بها، وأخذت تقلبينها يمنة ويسرة وأنت ترددين: الله ما أجملها يا عبد الرحمن!، تناولتها من يديك الجليلتين وألبستك إياها وأنا أقبّلهما، وأدعو الله تعالى ألّا يحرمني نعمة وجودك، أمّا أنت فظللت تمدحين جمالها أمامي قصداً كلما رأيتني، فأزدهي ويطير قلبي فرحاً بذلك.



للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن الأم