المقدمة
لقد نهى الله تعالى عن الظلم بكل أشكاله؛ لما فيه من إساءة، وما يسببه من أحقاد وضغائن بين الناس، وقد ورد ذلك في مواضع كثيرة في كتابه العزيز كان منها تناول ظلم الإنسان لنفسه، كقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان كقوله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ).
آفة الظلم
الظلم هو نقيض العدل، ومعناه الجور والحياد عن طريق الحق في الحكم، أو القول، أو الفعل، وقد يقع الناس في هذا السلوك الفاحش كثيراً، إلّا من اتقى الله واتبع أوامره ونواهيه، فالظلم سهل والعدل يحتاج من الإنسان إلى قوة تغلب الهوى، وهي لا تأتي إلّا باستشعار مراقبة الله تعالى، ومخافته، ومن هنا تعددت أشكال الظلم وصوره التي ندعو الله أن يبعدنا عنها جميعها.
صور الظلم
للظلم صور كثيرة لا تقتصر على ظلم الإنسان لأخيه الإنسان وحسب، وأوّلها هو ظلم النفس المتعلّق بالشرك بالله تعالى ومعصيته، وهو من أكبر أنواع الظلم التي قد يقترفها الإنسان، فبعدم إيمان الإنسان بالله الواحد الأحد يظلم نفسه أيما ظلم، ويكتب عليها الشقاء الأبدي، والخلود في نار جهنم أبد الدهر، وإنّ من ظلم الإنسان لنفسه أيضاً ارتكابه المعاصي التي منها امتناعه عن الصوم، والصلاة، وشربه الخمر، وتعاطي المخدرات وغيرها، حيث يقع تأثير ذلك كلّه عليه، فيكون بذلك ظالماً لنفسه.
أمّا النوع الثالث فهو ظلم الإنسان للآخرين، وهو ما بتنا نراه بكثرة هذه الأيام، فبعد أن جاء الإسلام الحنيف، وأبطل شتى أنواع الظلم التي لحقت بالأفراد ها نحن نراها من جديد، فقد جاء الإسلام وحقق المساواة والعدالة بين الناس على اختلاف أجناسهم، ومنع استغلال بعضهم لبعض، ومنع دفن الإناث بوأدهنّ، وأقرّ لهنّ نصيباً مقدراً من الإرث، وحرّم الغيبة والنميمة لما فيهما من تعدٍّ على قامات الغير، وإفساد للمجتمع، ها نحن ننظر حولنا فنُدهش لكثرة الظالمين، وآهات المظلومين، فهنا ترى ربّ عمل أكل مال عامليه دون شفقة أو خوف من الله تعالى فحرمهم من أجورهم أشهر عدّة، أو منحهم إيّاها منقوصة، وهو يظن بذلك أنّه من الفائزين، وهنا أستاذ جامعي يقبل الرشوات، وينقص ويزيد في الدرجات تبعاً لرغبته وهواه، وهنا موظف يأكل مال الأرامل والأيتام دون أن يرفّ له جفن، أو يؤلمه ضمير، وهناك بائع يطفف في الوزن ويخطِئ المكيال فيظلم بذلك نفسه، وولده، ومن اشترى منه، وغيرها الكثير الكثير من الأمثلة التي لا حصر لها، والتي يأسف لها القلب والضمير.
الخاتمة
الظلم هو تغييب صوت العدل والضمير، وهو آفة سيعاقب مرتكبها الذي يظن أنّه فاز، وينسى صوت الظلم المقهور الذي يستيقظ ليلاً للدعاء عليه، وما أقرب دعوة الظلم من الله!، وما أشدها، فلتتب أيّها الظالم بردّ المظالم لأهلها والنجاة بنفسك.
للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن الخير والشر، موضوع تعبير عن الأمانة