المقدمة

عدتُ من المدرسة اليوم وقد أخبرتني رفيقتي رهف بأنّ والديها قد اشتريا لها دراجة هوائية، فقررت أن أطلب من أمي أن تشتري لي دراجة هوائية هي الأخرى، وعندما عدت إلى المنزل طلبتُ ذلك منها ففاجأني ردّها رغم أنني كنت أتوقع أن تلبي لي طلبي دون تردد، لكنها أقنعتني بالنهاية، والأهم من ذلك أنّها علمتني الابتعاد عن التقليد الأعمى، وإحسان الاختيار.


التقليد الأعمى

قالت لي أمي: حسنا يا لين، ولكن أخبريني منذ متى وأنت تفكرين باقتناء دراجة هوائية؟

فأجبت: منذ اليوم يا أمي.

فقالت: ممم، ذلك يعني أنّ الموضوع لم يخطر لك على بال إلّا عندما رأيتِ صديقتك رهف قد اشترتها، وهل جربتها من قبل يا لين؟

قلت: لا يا أمي، لكنني متأكدة من أنّها ممتعة، هي قالت لي ذلك.

فقالت: هذا ليس مؤكداً، لا بدّ أنّ صديقتك رهف تمتلك هي وأهلها منزلاً فيه باحة ستلعب على الدراجة الهوائية فيها، أليس كذلك؟

فقلت: نعم يا أمي لديهم منزل فيه باحة يلعب بها أطفال العمارة كلّها.

فسألتني: وهل فكرتِ يا صغيرتي إن أنا اشتريت لك الدراجة التي ترغبين بها أين ستلعبين بها، ونحن نسكن في شقة مغلقة؟

فقلت: ممم، سأقودها بعض الأحيان في الحدائق.

قالت: ذلك صحيح يا ابنتي، فهذا هو المكان الوحيد الذي ستستخدمينها فيه، أمّا باقي الأيام فلن تستفيدي منها.

وأضافت: عزيزتي لين، لقد اشترت صديقتك رهف الدراجة الهوائية وفقاً لاختيارها، ولحبّها لذلك الشيء، ولظروفها التي تتناسب مع اختيارها هذا، وقد علمتك يا ابنتي منذ الصغر أن يكون لك قرارك الخاص، وأن تبتعدي عن تقليد الناس دون تفكير إن كان ما تُقبلين على فعله متناسباً مع رغباتك، وأفكارك، وقناعاتك، وظروفك أم لا.

قلت: كل هذا لأنني طلبت دراجة مثل دراجة رفيقتي يا أمي؟.

-بالطبع لا يا لين، فأنا أرحب بشراء ما ترغبين به أنت، وما نجده أنا وأنت مناسباً لك بعد التفكير، لكنني لا أرغب بأن تقلدي الآخرين، فتنسي ميولك ورغباتك، وتنسي التفكير فيما إذا كان هذا الأمر صالحاً للتقليد أم لا.

-لم أفهم قصدك يا أمي.

-حسنا يا ابنتي، يختلف الناس في هذه الحياة في دينهم، وسلوكهم، وأفكارهم، وقناعاتهم، وكل واحد فيهم يفعل ما يحلو له تبعاً لهذه الأمور السابقة، وبعض الأشخاص يفعلون ما هو خاطئ، ولا يتناسب مع ديننا، وعاداتنا وتقاليدنا، فهل نقوم بتقليدهم دون تفكير ونقع في فخ التقليد الأعمى!

-ممم الآن فهمتك، بالطبع لا يا أمي، إذ يجب علينا أن نفكر قبل أي تصرف نقوم به، فقد منحنا الله عقلاً لنستخدمه، ونختر به الأفضل في حياتنا.


الخاتمة

علمتني أمي بأنّ ليس كل ما نراه يستحق أن نقلّده، فبعض الأمور قد تتناسب معنا، ومع ديننا وعاداتنا وتقاليدنا ومبادئنا، وبعضها الآخر فاسد يجب ألّا نقلده، وها أنا الآن قد قررتُ شراء قطة تسليني بعد تفكير طويل بما يناسبني.



للمزيد من مواضيع التعبير: تعبير عن شخصية مؤثرة، تعبير عن شخصية أثرت في حياتي