الموضوع الأول
المقدمة
قلت لأمي بغضب: أعلم أن الرسول الكريم أوصى بالجار، وأحفظ جيداً الأحاديث التي توصي بالجيران، لكنني لم أعد أستطيع أن أتحمل هؤلاء الجيران الجدد، فقد أرهقونا بصوتهم العالي الذي لا يحتمل منذ سكنوا، وقاذوراتهم ذات الرائحة الكريهة، وضجيجهم الدائم، ابتسمت أمي وطلبت مني الجلوس، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
الجار
يا بني الجار للجار كالأخ للأخ عليه أن يصبر عليه ويعامله بالحسنى، حتى وإن أساء، فقد أوصى الرسول الكريم بالجار وأمرنا بمعاملته بطريقة حسنة في كل الأحوال، وإنّ هذا الذي دعاك للغضب ما هو إلّا الشيطان الرجيم.
-أعلم هذا يا أمي، ولكن هل يعني ذلك أن نسكت على أذاه في كل حين؟
-بل يعني أن نغيّر طباعه إلى الأفضل إن أمكن.
-وكيف يكون ذلك؟
-بالكلمة الطيبة، وبالنصيحة، وبالمعاملة الطيبة التي سيردّها لنا بالمثل بالتأكيد.
-ذلك لا يقنعني يا أمي.
-ستقنعك الأيام يا بني.
مرّت أيام وأمي لا تعامل جارتنا هذه إلّا بالإحسان، فترسل لها طبقاً مما تطبخه من مأكولات وحلويات لذيذة، وتأمرنا بخفض أصواتنا لئلا نزعجهم، وتطلب منّا غض البصر عن حرماتهم، كما إن أبي يسألهم عن حاجاتهم إن أرادوا شراء شيء ما من الخارج كون زوجها يتأخر في عمله، ويوماً بعد يوم لاحظت تغييراً في معاملة هؤلاء الجيران، فلا قاذورات تُلقى أمام بيتنا، ولا ضجيج يزعجنا، ولا شيء من هذا القبيل.
قلت لأمي: يبدو أنّ معك حق يا أمي، فقد تبدّل حال جيراننا للأفضل جراء معاملتك الطيبة.
قالت: نعم يا سامي، فالجار للجار وله عليه حقوق منها عدم إزعاجه، وغض البصر عن بيته وساحته، وعدم إيذائه بإلقاء القاذورات أمام بيته أو غيرها من الأمور، وأنا عاملتهم بما يرضي الله تعالى، كما أن من واجب الجار على جاره مجاملته في الأفراح والمناسبات السعيدة، ومواساته في الحوادث المؤسفة كالوفاة وغيرها من الأمور، وإن من حُسن الخلق الهبوب لمساعدة الجار إن احتاج للمساعدة، فليس أجمل من أن يتفقد الجار جاره، ويساعده بما يحتاجه من مواد، أو أدوات، أو حتى نقود إن أمكن.
-شكراً لك يا أمي، فمنك أتعلم حسن الخلق وجمال الطباع.
الخاتمة
وبينما نحن نتحدّث دق جرس الباب، فإذا به ابن جيراننا أيهم، يحمل بيده طبقاً من الحلوى ويقدّمه لي وهو يقول: هذا لك يا سامي، فقد علمت أمي من والدتك أنّك تحبه كثيراً، والجار للجار كما تعلم، شكرته بحرارة بعد أن تناولت الطبق، وحمدت الله على أم كأمي؛ علمتني حقّ الجار والإحسان إليه.
الموضوع الثاني
المقدمة
الجار هو الشخص الذي يسكن بالجوار، وقد اشتُقّت كلمة (جار) من كلمة المجير، لأنّه من المعروف منذ القدم بأنّ الجار هو المعين لجاره إن احتاج للعون والمساعدة، والمُساند له في أحزانه، ومَن يشاركه أفراحه، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَا زَالَ جبرِيلُ يُوصِيني بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنتُ أَنَّهُ سَيُوَرّثُهُ).
حقّ الجار
يتمثل حق الجار على جاره بالكثير من الأمور والتي منها: الإحسان له بالمعاملة، إضافةً إلى اللطف واللين في القول، فهذه الأمور توطّد العلاقة بين الجيران، وتنشر الألفة والمحبة بينهم، ومن الحقوق الأخرى زيارته في السرّاء والضرّاء، والاطمئنان عليه بشكلٍ مستمر، والسؤال عنه طوال الوقت، وتفقّد أحواله دون إحراج، والعمل على قضاء حوائجه، وحفظ أمانته وأسراره، وعرضه وبيته في غيابه وحضوره، وعدم ذكر الجار بسوء أمام الآخرين، فالجار القريب خيرٌ من الأخ البعيد.
ومن حقوق الجار الأخرى الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يزعجه أو يؤذيه، كالتعدّي عليه، أو إزعاجه بالصراخ أو الأصوات العالية، أو التجسّس عليه، أو إلقاء النفايات بالقرب من بيته، أو التلفّظ بألفاظ غير لائقة، ومن الأمور الأخرى التي يجب تجنّبها في معاملة الجار، عدم النظر إليه نظرة حسد، أو تمنّي زوال نعمته، أو نصب المكائد له، وإن بدر من الجار أمر لم يرق لك أو يؤذيك، فغضَّ الطرف عنه واستر ما رأيت، إذ يقول الإمام الشافعي:
ومن يقض حقّ الجار بعد ابن عمه
وصاحبه الأدنى على القرب والبعد
يعش سيداً يستعذب الناس ذكره
وإن نابه حقّ أتوه على قصد
الخاتمة
يقول العرب في الأمثال: (الجار قبل الدار)، فالجار الصالح يجلب السلام، والجار الطالح لا يسمّى جاراً، فمن واجبنا احترام من يجاوروننا، وإعطاؤهم كامل الحقوق المترتبة علينا، فقد أوصانا رسولنا الكريم بالجار، وتكرّرت وصاياه على الجيران في عدّة أحاديث؛ لأهميّة العلاقة القائمة بينهم في بناء مجتمع متماسك، ومتحابّ يخاف فيه الجار على جاره وبيته كخوفه على نفسه وأهله، فما أجمل أن يكون الإنسان جاراً مُحبّاً حسن السيرة والسلوك، سائراً في قضاء حوائج جيرانه.
للمزيد من مواضيع التعبير: تعبير عن الإحسان إلى الجار، تعبير عن إكرام الضيف