المقدمة
في مزرعة خالي تجمّع الأهل والعائلة ابتهاجاً بحلول أول أيام الربيع المبهج، بعد شهور طويلة قضيناها في المنازل مختبئين من برد الشتاء، وبينما نحن نحضّر لطعام الغداء سمعت صوت طنين بجانب أذني، فتنبهت لمصدر الصوت فإذا بها نحلة صغيرة ابتعدت رويداً رويداً حتى استقرت على طبق مغطى من الحلويات التي أعدّتها أمي للنزهة، ووضعناها على الطاولة، فنسيت ما حولي وأخذت أراقبها بتركيز شديد.
مملكة النحل
ظلّت النحلة تحوم حول طبق الحلويات المغطى رغبة منها في الحصول على القليل من السكّر كما يبدو، لكنها لم تفلح في ذلك، فأدارت ظهرها وطارت بعيداً باتجاه أشجار التفاح الموجودة في ركن من أركان المزرعة، فيما قررت أنا أن أتبعها، وبالفعل طارت النحلة وأنا أتتبعها حتى حطّت على شجرة تفاح في زاوية الحقل، بل ورأيت أعداد نحل بالعشرات حولها أيضاً، ولما أمعنت النظر وجدت خلية أعلى تلك الشجرة وكانت هذه المرة الأولى التي أرى فيها خلية نحل أمامي، فتحمست كثيراً، وذهبت لأنادي أمجد ابن عمتي ليرى ما أراه.
أخذنا نراقب دوران النحل حول بعضه بشكل دائري بتعجب، ومن ثمّ انتشاره بين أزهار شجر التفاح والوقوف عليه قليلاً لجني اللقاح على ما يبدو، ثمّ العودة إلى الخلية لتفريغه فيها، وقد كان في هذه الخلية أشكال مختلفة من النحل، إلّا أنّ ما لفت انتباهنا وجود نحلة كبيرة يفوق حجمها حجم النحلات الأخريات بثلاث مرات تقريباً، وبينما نحن نراقب سلوك النحل المنظم داخل الخلية جاء إلينا خالي الذي رآنا نراقب الخلية من بعيد، وسألنا إن كنّا مستمتعين بما نراه، فأجابناه بالإيجاب، فقال: إن النحل حشرة اجتماعية جداً لا تستطيع أن تعيش إلّا في جماعات، وهي من الحشرات النشيطة التي تدرُّ لنا العسل، ذلك الشراب الطهور الذي فيه شفاء للناس، فكما ترون هي تقوم بجمع لقاح الزهور وإنتاج العسل بعدها.
فقلت: ولكن لمَ تطير النحلات بهذه الطريقة الدائرية يا خالي؟
قال: إنها رقصة تعتبر وسيلة التواصل بين أفراد الخلية يا عدنان، وفيها تخبر النحلات بعضهن عن وجود الغذاء في مكان قريب.
فقال أمجد: وما هذه النحلة الكبيرة في الأعلى يا خالي؟
قال: إنها ملكة النحل على الأغلب يا أبنائي، فحجمها يفوق حجم النحلات الأخريات بثلاث مرات، وبها تقوم الخلية، وبدونها تتدمر، فهي من تضع بيوض النحلات طوال فترة حياتها، أمّا العاملات فيجنين الرحيق، ويعتنين باليرقات، وينظمن أمور الخلية، أمّا الذكور فمهمتها تلقيح الملكة من أجل إنتاج البيوض.
الخاتمة
عدنا إلى مكان تجمع العائلة وقد رأينا أجمل مشهد رباني على الإطلاق، وخالي يحمل بيده خلية عسل كان قد أحضرها له صديقه لنتذوقها، كان العسل يقطر منها وما ألذ نكهته!.
للمزيد من المواضيع: تعبير عن النمل، تعبير عن الطيور