الموضوع الأول

المقدمة

لم تكن السيدة عائشة بنت أبي بكر الصديق ذلك الصحابي الجليل رفيق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زوجة الرسول وحسب، بل كانت أحب زوجاته إليه كما قال في العديد من المرات، وقد كانت زوجته الثالثة بعد وفاة السيدة خديجة، وعائشة بنت أبي بكر الصديق كانت تتمتع بالعديد من الصفات التي جعلتها مقربة من رسول الله عليه السلام، وهذا ما جعلها فاهمة وعالمة بأمور الدين فيما بعد.


شخصية السيدة عائشة

كانت السيدة عائشة أم المؤمنين تمتاز بالعديد من الصفات، حيث عُرف عنها أنها كانت لبيبة وذكية، وشديد الحفظ والفهم، وكثيرة السؤال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا ما جعلها من أعلم النساء في دين الله بل أعلمهن، فكانت تُعلّم كبار الصحابة في أمور الفقه، والحديث، والقرآن، كما كان يعود إليها بعضهم إذا ما صعب عليهم شيء في دين الله، والسيدة عائشة روت عن رسول الله الكثير الكثير من الأحاديث، وكانت عالمة في أمور النساء، بل كانت النساء تأتي إليها إذا ما أرادت أن تشتكي للرسول -صلى الله عليه وسلم- من أزواجهن.


لازمت السيدة عائشة رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- فترة طويلة، وكانت ما زالت شابة، فحفظت كل ما كان يقول، وكانت تسأله بكثرة عن معاني الآيات وتفسيرها، وكانت تعلم كل ما يقوم به في بيته وهو ما جعلها من أعلم الناس في أموره، ومما أثير حول أُمّنا عائشة -رضي الله عنها- حادثة الإفك المعروفة، والتي برّأها الله تعالى منها في كتابه الكريم، فزادها بذلك تشريفاً وتعظيماً، ورفع قدرها فظلّت في منزلة عالية في قلوب المسلمين إلى اليوم.



الموضوع الثاني

المقدمة

عُرفت على مدار التاريخ الكثير من النساء المسلمات اللواتي استحقين أن تُسطّر أسماءهن في كتاب التاريخ بماء الذهب، وكان من أولئك بل أولهن نسيبة بنت كعب، تلك المرأة الصابرة المحتسبة التي سُميّت باسمها الكثير من المدارس والشوارع تخليداً لذكراها، واستحقاقاً لإنجازاتها في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبعده، فنعم المرأة الصالحة هي، ونعم السيرة سيرتها.


شخصية نسيبة بنت كعب

عُرفت نسيبة بنت كعب بن عمرو من قبيلة الخزرج بإخلاصها في نشر الدين، بعد أن كانت من أوائل النساء اللواتي بايعن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بيعة العقبة الثانية، كما عرفت بثباتها على دينها وهو ما تجلى بمواقف كثيرة صمدت فيها هذه المرأة أمام الأعداء في المعارك، كما كان الصبر زينتها وهو ما يشهد عليه موقف قتل ابنها حبيب على يد مسيلمة، فعندما جيء لها بالخبر حمدت الله تعالى وقالت: "لمثل هذا أعددته، وعند الله احتسبته"، فكانت نعم المرأة الصابرة المحتسبة، وعن شجاعتها يُقال الكثير الكثير، فهذه المرأة شاركت في العديد من المعارك والغزوات تسقي العطشى من المسلمين، وتطبب الجرحى، وتنقلهم إلى الخيام وتداويهم، وهذه مهمة عظيمة تحتاج إلى شجاعة وثبات امتلكتهما نسيبة بنت كعب.


نسيبة بنت كعب المقاتلة

يعلم الكثيرون أن هذه المرأة كانت من الممرضات المعروفات في التاريخ الإسلامي، لكن ما يخفى علينا أنها كانت من المقاتلات مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فلطالما رفعت نسيبة وزوجها وأبناؤها سيوفهم دفاعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحماية له، لا سيما عندما فرّ بعض المسلمين تاركين رسول الله في إحدى الغزوات، حيث وقفت نسيبة وزوجها وأبناؤها يتلقون الضربات عن رسول الله ويدافعون عنه، بل وأخذت تصيح في المسلمين ليعودوا، فعاد منهم الكثيرون، ويقال أنها نالت يومها الكثير من الطعنات والضربات.


الخاتمة

استمرت نسيبة في الخروج في المعارك حتى بعد موت النبي، فخرت في معارك الردّة بكل شجاعة وإقدام، وهي تتمنى نوال الشهادة، حتى إنها أصيبت بالكثير من الجراح، وكان منها قطع يدها قبل أن تتوفى بعد معركة اليمامة متأثرة في جراحها، وكان ذلك في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فطبتِ حية وطبتِ ميتة يا نسيبة بنت كعب الجليلة.



الموضوع الثالث

المقدمة

عُرفت مهنة الطب والتمريض منذ عهد الإسلام، وتقول المصادر إن أول ممرضة ومطببة في الإسلام هي رفيدة الأسلمية، والتي نذرت روحها وحياتها للإسلام عندما قررت أن ترث مهنة أبيها في الطب والتمريض وتسخّرها لخدمة الإسلام، ومرضى المسلمين في الغزوات والمعارك وحتى في أوقات السلم، والتي كانت أول من أسست ما يُعرف بالمستشفى الميداني في يومنا هذا، فما أروع المرأة المسلمة الحاضرة في كل الميادين.


رفيدة الأسلمية

أسلمت رفيدة الأسلمية مع رسول الله بعد الهجرة، ولم تقف مكتوفة الأيدي بل قررت أن تنفع الإسلام والمسلمين بما تعلمه من أمور طب، وتمريض، وتداوٍ بالأعشاب، ولم تُعرف رفيدة بالشكل الذي نعرفها به الآن إلّا بعد غزوة الخندق حيث كثُر الجرحى والمصابون في صفوف المسلمين، فبدأت رفيدة الأسلمية ومن كنّ معها من نساء قامت بتدريبهن وتعليمهن قبل الغزوة بنقل الجرحى والمصابين، وتطبيبهم ومعالجتهم، وسقاية الجرحى، والعناية بهم، ولما رأى رسول الله ذلك أُعجب بالدور الذي تقوم به، وأمر بأن توضع لها خيمة في المسجد النبوي وأن تُجهّز بالماء، والأعشاب، ولوازم التطبيب والعلاج لتبار عملها فيها، وقيل إن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- كان يمر على هذه الخيمة، فيتفقد الجرحى ويطمئن على شؤونهم، ويسأل عن أحوالهم، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم كافأ رفيدة الأسلمية على مجهودها العظيم، ومنحها من الغزوات كما كان يمنح الرجال.


شخصية رفيدة الأسلمية

عُرفت رفيدة الأسلمية بصلاحها كما وصفها الكثيرون من الصحابة، كما عُرفت بحبها للعلم والتعلم، فقد قيل إنها أخذت مهنة الطب عن والدها، ثمّ زادت عليه وتعلّمت بعد ذلك الكثير، ويستطيع القارئ أن يعرف عن هذه المرأة حبّها لنقل العلم الذي تعرفه، حيث كانت تدرّب نساء المسلمين ليشاركنها في مداواة الجرحى وتطبيبهم، كما يستدل الناظر على شجاعة رفيدة الأسلمية التي كانت تضحي بروحها ونفسها عند الدخول إلى أرض المعركة وقت القتال لسقاية العطشى، ونقل الجرحى، ومداواتهم، فهذا أمر صعب لا تقدر عليه أية امرأة.


الخاتمة

تُعد رفيدة الأسلمية نموذجاً للمرأة المسلمة الناجحة التي تستخدم علمها ومعرفتها في إفادة الإسلام والمسلمين، ونقل علمها إلى الآخرين لاستمرار الإفادة، فها هي هذه المرأة لا يكفيها بتطبيب الجرحى ومعالجتهم، وتضميد جراحهم، بل تقوم بتعليم نساء المسلمين أمور الطب والتمريض، والعلاج، وهو دور عظيم لا يمكن لأي أحد القيام به، كما أنه يعتبر جهاداً في سبيل الله مثله مثل القتال والخروج في المعارك.



الموضوع الرابع

المقدمة

هي خولة بنت الأزور بن أوس بن خزيمة الأسدي، وشقيقة ضرار بن الأزور، وهي فارسة عربيّة كان لها دورٌ بارز فيما كانت تمتلكه من وشجاعة منقطعة النظير أذهلت بها الفرسان وقادة الحرب، فتحوّلت في ميادين المعارك إلى مضرب أمثال بين الرجال والنساء.


قصة خولة بنت الأزور

انطلق جيش المسلمين إلى بلاد الشام، وكان الفارس ضرار بن الأزور من بينهم، فقام باصطحاب أخته خولة معه، وقد اختار خالد بن الوليد ضرار بن الأزور قائداً لخمسة آلاف مجاهد لإعجابه الشديد بشجاعته، فقد كان يردّد دوماً: "ضرار رجل لا يخشى الموت، خبيرٌ بشؤون الرِّجال".


انطلق جيش المسلمين للقاء الروم في بلاد الشام، وكان جيش المسلمين أقل منهم عدداً، لكنهم أكثر إيماناً ويقيناً بالنصر، وبعد اشتعال المواجهة بين الطرفين، تفاجأ كثيرٌ من جيش المسلمين بجاهزية، وعتاد الروم التي تفوق عتادهم، فترددوا بالاستمرار، وفكر عددٌ كبيرٌ منهم بالانسحاب، لكنّ ضرار استنكر هذا الأمر واستمر بمواجهة الأعداء، وهو يردّد قول الله تعالى: (ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير)، فكان مثالاً للقائد المقدام الشجاع الذي اقتدى به المجاهدون في ساحة النزال، فقاتلوا جميعاً ببسالة، وتسببوا بإلحاق خسائر فادحة في جيش العدو، لكن عدداً من جنود العدو أحاطوا به وأوقعوه في الأسر.


وكان من بين الأسرى الذين تمكّن الروم من أسرهم أيضاً خولة بنت الأزور، التي وضعوا الحراسة عليها وعلى الأسيرات الأخريات ريثما تنتهي المعركة، حتى يأخذوهن سبايا، لكنّ خولة الحرة قامت بتحريض النساء لمباغتة الحرس والقضاء عليهم، وهذا ما حدث بالفعل، ورجعن إلى صفوف جيش المسلمين على رأسهنّ خولة، لكنّ فرحتها بالعودة والنصر على الروم لم تكتمل بسبب أسر أخيها ضرار، فركبت فرسها بعد أن أخذت عهداً على نفسها بأن تجاهد حتى يعود ضرار، وتقدمت صفوف الجيش وهي ملثمة لم يتعرّف عليها أحد، وقاتلت بكل شجاعة حتى أدهشت كل من حولها، وأخذ الجميع يتساءل: من هذا الفارس الملثم؟.


أذهلت شجاعة الفارس الملثم القائد خالد بن الوليد، فسأل الرجال عنه لكنّ أحداً لم يجبه، فناداه وسأله عن اسمه، فلم يجبه، فكرّر السؤال عليه، فردت خولة قائلة بكل حياءٍ وأدب: "لقد أعرضت عنك أيُّها الأمير حياءً منك، فاغفر لي صمتي وإصراري على السكوت، أنا خولة بنت الأزور"، وقالت له بأنّها لن تتوقف عن القتال حتى يعود ضرار من الأسر، وبعد أن انتصر المسلمون على جيش الروم، وعند حلول الظلام أخذت خولة تتجوّل في المكان باحثةً عن أخيها، وقد علمت من أسرى الروم بأنهم قد وضعوا حراسةً مشدّدة عليه، واقتادوه إلى مدينة حمص، فكلّف خالد بن الوليد رافع بن عميرة وعدد من الجنود بملاحقة جيش الروم وتحرير ضرار، فطلبت منه خولة أن ترافقهم، فسمح لها، وبعد أن سار الجميع يقتفون أثر الروم حتى وصلوا إليهم حاربوهم بشجاعة، حتى تمكنوا من تحرير ضرار، فوقف ضرار أمام الفارس الملثم متعجباً من شجاعته، ولكن دهشته ذهبت عندما علم بأن هذا الفارس هو أخته خولة، فقد كان يعلم بأنها مقاتلة شجاعة لا تخشى الموت أبداً.


الخاتمة

هذه هي شخصية لامرأة مسلمة من بين العديد من النساء المسلمات الذين سجّلن أسماءهن على صفحات التاريخ بحروفٍ من ذهب، فما أجمل أن تكون المرأة أنثى بألف رجل عندما يقتضي الأمر ذلك.



للمزيد من المواضيع: تعبير عن شخصية مؤثرة، تعبير عن شخصية قيادية ناجحة