الأم

الأم هي أيقونة الرّحمة، والسلام، والحب، هي الحبل السري الذي يزودنا بالحياة والأمان حتى بعد أن نكبر، الأم هي الدّعاء والمناجاة التي تفتح لها أبواب السّماء، والأم هي قطعةٌ من الجنّة، تزهر تلك الجنّة تحت قدميها، الأم سر الحياة، ومن رحمها خلقت البشريّة جمعاء، الأم هي العطاء، والخير، والقداسة، والطّهارة، يقول الكاتب والشاعر جبران خليل جبران:"الأم هي كل شيء في هذه الحياة، هي التعزية في الحزن، الرّجاء في اليأس، والقوَّة في الضعف".


فضل الأم

فضائل الأم لا تعد ولا تحصى، ولا يمكن حصرها بعدة كلماتٍ أو أسطرٍ، فالحياة منذ لحظة الميلاد وحتّى المشيب أساسها وعنوانها أم، فهي التي حملتنا تسعة أشهرٍ دون أي شكوى أو تذمرٍ، هذا الحمل الطويل الذي يتغذّى به الجنين من جسد هذه الأم العظيمة ويُضعفه، ولكنّها لا تشكو بل تحتضنه بكلّ حبٍ وشوقٍ للُقياه، وتحرص كلّ الحرص عن الابتعاد عن أيّ أذى، ليس خوفًا على نفسها، بل حرصًا وخوفًا على حياة الجنين.

وتأتي لحظة المخاض هذا الألم الكبير والشديد الذي لا يستطيع أن يتحمّله أحد إلا الأم، فتنسى كل ما مرَّ عليها من أوجاعٍ عظيمة في اللحظة التي تعانق به وليدها، فتقرّبه إليها تشمّه وتقبّله، وتبدأ بإرضاعه، ومن ثمّ تبدأ مرحلة الرّعاية الشّاقة؛ حيث تستيقظ في الليل لتراقبه وتطعمه، وتنام للحظاتٍ ليست طويلة، ثمّ تعود من جديد لتكرار الأمر، وتسهر عليه في مرضه، وتراقب نموّه، فيكون هو محور اهتمامها في الصحو والمنام، وعندما يشتد عوده قليلاً ويذهب إلى المدرسة، تبدأ مرحلةً أخرى من الرعاية والمتابعة والتعليم، وكم تكون فرحتها عظيمة عند تفوّق أطفالها، تحيطهم دومًا بالدّعاء في ذهابهم وإيابهم، وتعدّ طعامهم، وتغسل ملابسهم دون كللٍ أو مللٍ، وتراهم دومًا صغارًا بحاجةٍ إلى حنانها ورعايتها مهما اشتدّ عودهم، أو كبروا، ولا تنام ليلها إلا بعد أن يناموا جميعًا، وفي الصباح تكون أول من استيقظ لإعداد الفطور لهم، فالأم تشعر بأنّها خلقت لترعى صغارها، ولتوهبهم كلّ حياتها، حتّى أنّها تنسى نفسها من فرط انشغالها بهم، وهل يُمكن حصر كلّ تلك الفضائل، فكل الحياة تختصرها كلمة أم.


الخاتمة

الأم هي رائحة الجنّة ومفتاحها، وقد أوصت بها كل الأديان السماويّة، ولولا الأم لما كان للبشريّة أي معنى أو وجود، ورضى الأم هو رضى الله، وبرضاها يعمّ الخير والبركة.