العمل

قال الشاعر أحمد شوقي:

أَيُّها العُمّالُ أَفنوا ال

عُمرَ كَدّاً وَاِكتِسابا

وَاِعمُروا الأَرضَ فَلَولا

سَعيُكُم أَمسَت يَبابا


العمل هو أن يسعى الإنسان في هذه الحياة التي خلقه الله فيها لبثّ الروح، وأن يقوم ليعمّر هذا الكون بأقصى ما يستطيع من قوّة، وألّا ينسى أنّ هذه هي الغاية الأولى -بعد العبادة- من خلقه، فالعمل المُنتج هو ما يميّز الإنسان، ويعطيه الدافع للاستمرار عند رؤية نتائج أفعاله منعكسة في أركان الكون تزيده جمالاً، ونفعاً.


أهمية العمل

تنبع أهمية العمل واتّجاه الإنسان له منذ بداية الخليقة لأمور عدّة؛ أوّلها كونه طريقاً أساسياً لإشباع حاجات الإنسان الغذائيّة، إذ لم يكن أمام الإنسان البدائيّ سوى التوجّه بفطرته نحو الزراعة البسيطة والصيد، ومن ثمّ التجارة -فيما بعد- لسدّ حاجاته الفطريّة كالجوع، والعطش، وحماية نفسه من بطش الحيوانات مثلاً، فيما تطوّر الأمر فيما بعد ليصبح العمل باباً من أبواب الرزق بعد توسّع هذا الإنسان فيه، وابتكار أدوات وأساليب جديدة له، كما أنّ العمل طريقة لحفظ كرامة الإنسان بما يوفّره له من رزق ويمنعه به من حاجته للآخرين، ومدّ يد السؤال لهم، ولا شكّ أنّ الإنسان المنتج -مهما كان نوع إنتاجه وقدره- أرفع قدراً من ذلك المتواكل على الآخرين في كسب رزقه، المتكاسل عن إعمار هذا الكون.


وقد حثّت الأديان جميعها على العمل لما فيه من فائدة للفرد والمجتمع، فقد قيل في مُحكم التنزيل: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "لا إيمان بلا عمل، ولا عمل بلا إيمان"، ففائدة العمل للفرد سبق ذكرها، أمّا عن فائدته للمجتمع فتتلخّص في كون هذا الفرد عجلة تحرّك المجتمع؛ فنماء المستوى المعيشيّ الذي يترتب على عمل الفرد نفسه ينتج عنه نماء المجتمع ككلّ، وإشغال وقت فراغ الأفراد -لا سيما الشباب منهم- في العمل سيسُدّ أبواباً كثيرة للمشاكل الاجتماعية، والأخلاقيّة كان سيقع بها الفرد لو لم يعمل؛ لأنّ الفراغ أساس المفسدة، كما أنّ العمل هو الطريق لرقيّ المجتمع، والنهوض به، ورسم جماله بما يُبدع به الإنسان حين يعمل بشقّ الطرق، وتشييد المباني، وتوزيع الحدائق والمنتزهات هنا وهناك وغيرها من الأمور، ولا ينحصر العمل بالشكل المادي فقط، فقد يكون العمل بدنياً يتطلّب القوة الجسديّة، وقد يكون فكرياً يتطلب قوة ذهنيّة وكلاهما له نفعه وتأثيره بكلّ تأكيد.


الخاتمة

في العمل تصفو الأذهان، وتُحصّل الأرزاق، ويُسدُّ باب الآفات الاجتماعيّة، فترقى الأمم وتزدهر كما أمرنا الله عندما خلق هذا الكون الواسع، فلولا العمل لما وصلنا إلى ما نحن عليه من رقيّ، وتطوّر، وأساليب حياة تيسّر علينا العيش في هذا الكوكب، لذا على كلّ إنسان أن يعمل مخلصاً بقدر استطاعته، ووفقاً لإمكاناته، وتحقيقاً لوجوده، ورغبة في نفع المجتمع الذي يعيش فيه.