المقدمة
منذ سنوات قررتُ بعد أن رأيت أحد الفيديوهات التي تتحدث عن تنمية الذات وتطويرها بأن أنمّي ذاتي وأطوّرها، وذلك باتّباع عادة يومية بسيطة تتمثل بحمل كتاب معي في حقيبتي المدرسية كل يوم، والانشغال بقراءته في الذهاب والإياب إلى المدرسة في الحافلة كل يوم، وها قد مرّ على ذلك القرار ثلاث سنين، وأنا ألمح تغييراً إيجابياً في شخصيتي كل يوم، وذلك ما يؤكده لي المحيطون حولي من الأهل والأصحاب أيضاً، فأنا بقراري هذا أغلقت باب أذني عن ضوضاء الحافلة من حولي، وفتحت باب عقلي على المعارف المتنوعة.
خير كتاب
لم يكذب الشاعر حين قال (وخير جليس في الزمان كتاب)، فقد يتنوّع أصدقاء المرء ويتكاثرون من حوله، فيجد منهم الصالح والطالح، والمُحبّ والمخلص، والحقود والمكّار، وهذا أمر متوقع لا مفاجأة فيه، فالناس معادن وليست كل المعادن نفيسة، إلّا أنّ خيبة الأمل التي يعانيها الإنسان بعد كل درس يتلقّنه على يد صديق خذله تجعله يلجأ إلى صحبة الكتب التي لا خذلان فيها أبداً، وهذا ما أفعله منذ سنين، فالكتب أصبحت رئتي التي أتنفس بها النقاء بعيداً عن ضوضاء هذا العالم.
لا أبالغ حين أقول أنني بتُّ أشعر بأن الكتاب صديقي، أو حتى فرداً من أفراد أسرتي أقضي معه الكثير من الوقت، بل وأشتاق للقائه، فهو صديق يحدّثك بلا شفتين، ويشعر بما يعتريك من مشاعر فيقدّم لك ما يواسيك من قصص مشابهة، وحلول عملية تسري عنك، ويشعر بضجرك ورغبتك بالهروب من محيط مليء بالنفاق والضوضاء فيأخذك على بساط سحري تنفصل فيه عن كل ما يؤذيك، كل ذلك فقط إن أنت سلّمت زمام نفسك لما ينفع ويفيد -وهي القراءة-، ولم تتشاغل عنها بما يسليك ويمتعك من ألعاب إلكترونية، وإن اخترت ما يتماشى مع رغباتك وهواك من كتب شيقة موجودة في المكتبات والأسواق.
وإن سألتني ماذا وجدتُ في الكتب فسأخبرك بأنني وجدتُ كنوزاً ما وجدتها في الحقيقة والواقع، كنوز لا تنفد ولا تنتهي حتى مع الزمان، في الكتب وجدت ما أرغب من علوم وتجارب، وآراء عظيمة لشخصيات لم تقدّم لنا عنها كتب المناهج شيئاً، وجدتُ تاريخاً عظيماً طويل حتى قارب النسيان رغم أهميته، ووجدت مواطن القوة في داخلي وما كنت غافلاً عنه في نفسي، وليس أبشع من أن يجهل الإنسان نفسه، فيسير وسط تيار يتجاذبه فيه من أراد، وبالكتب أصبحت أنا سيّد نفسي الذي لا يغضب من أدنى مشاحنة، ولا يسنّ لسانه لأبسط نزاع، ولا ينهزم وينهار من أول خذلان، ولا ينتظر العطف وشحذ الهمة من أحد، فأنا بالكتب وجدتُ ما أردت، وحصدتُ ولا زلت أحصد ما ينفعني ويلزمني في معارك الحياة، فما أجمل الكتاب! وما أروعه من صديق!.
الخاتمة
إن غاب عنّا دور الكتاب وأهميته فذلك مقصود لعظيم فضله، والقوة الكامنة فيه، وهي أمور لا يدركها إلّا من ألِف صحبة الكتب وتلذذ بعصارتها، فهلمّوا إلى القراءة لبناء الحضارة والأمجاد من جديد.
للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن الكتاب، موضوع تعبير عن القراءة