المقدمة

قال الله تعالى في محكم تنزيله: (إنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ)، وقال أيضاً: (والشمس والقمر بحسبان* فبأيّ آلاء ربكما تكذبان)، وآيات كثيرة ومتعددة تحدّثت عن النجوم، والشهاب، وما تحويه السماوات العلا من أجرام وغيرها، وإنّ ما يدلل عليه ذلك هو عظمة نظامنا الشمسي الذي يُعتبر ذرة رمل في شاطئ لا محدود، فهذا النظام ما هو إلّا جزء يكاد لا يذكر من نظام مجرتنا -درب التبانة-، والتي تعتبر هي الأخرى زهرة في بستان لا نهاية له، فسبحانك ربي ما أعظمك.


نظامنا الشمسي

نعيش نحن بكل حضارتنا وإمكاناتنا وكل ما نملك على أرض واحدة من بين سبع أراضين، خلقها الله سبحانه وتعالى الذي أبدع في خلق سبع سموات لم يدرك منهن الإنسان رغم تطور علمه سوى القليل القليل، وها هو علم الفلك والفضاء يثبت لنا كل يوم وجود الجديد، والمدهش، وإنّ من أعظم ما وقف عليه هذا العلم نظامنا الشمسي العظيم الذي تعتبر الشمس المتوهجة مركزه، كعقد جواهر تتوسطه ألماسة شديدة الجمال والجاذبية، فالشمس هي هذا النجم العملاق الذي يبلغ حجمه 99.9% من حجم النظام الشمسي كله، وهي ما تنظم بجاذبيتها الشديدة ما حولها من كواكب، ومذنبات، وشهب، وأجرام أخرى لتشكّل ما يُعرف بنظامنا الشمسي هذا.


والناظر في الطريقة التي تصطف فيها هذه الكواكب الثمانية والأجرام حول الشمس، يعتقد أنها من فرط جمالها وتنوّع أشكالها وألوانها لوحة رُسمت بأنامل فنان، ويحسبها من شدّة دقّتها وإتقانها مجسّماً صُنع بحسابات مهندس، لكن حاشا وكلا فالمبدع هو الأعظم والأقدر من كل هؤلاء وهو الله سبحانه وتعالى، مالك كل هذه السموات بما فيها من نظام ومجرات في كفّه جلّ وعلا.


تصطف الكواكب بألوانها وأحجامها حول الشمس، ومنها ما أثبت العلم أنّها كواكب غازية مثل (المشتري، وزحل، وأورانوس، ونبتون)، ومنها الكواكب الصخرية بطبيعتها وهي (عطارد، والزهرة، والمريخ، والأرض)، والتي تسبح جميعها وفق نظام مرسوم بدقة حول الأرض، فيما لم يتوصّل العلماء والفضائيون رغم الدراسات إلى وجود بيئة صالحة للعيش على سطح أحدها كالأرض، فلكل كوكب رغم خصوصيته ما يجعله غير صالح للحياة، والناظر إلى زحل الكوكب اللامع عبر التلسكوب يرى حلقات سديمية ضخمة، والذي يرى لون المشتري الأحمر الأخاذ، والزهرة الذي يعتبر توأم الأرض يتوه في هذا الحيّز الساحر الذي لا حدّ له.


للخالق أسرار في الكون، بدأ وسينتهي وهي طي الكتمان، فهذه إرادته التي لا يمكن تجاوزها، ويبقى الإنسان بفضوله عالماً متعلماً يسعى للاكتشاف ووضع ما يُفسّر هذه الفرضيات وفقاً لما تكوّن لديه من دلائل، وإن من الفرضيات التي وضعها لتكون نظامنا الشمسي هي انهيار سحابة سديمية على نفسها نتيجة الضغط الهائل قبل ملايين ملايين السنين لتتكون الشمس في مركزها وتتبعها بقية الكواكب العملاقة، والقزمة، وما يحويه هذا النظام.


الخاتمة

إن كل شيء في هذا الكون إن أنبأنا فهو ينبئنا بعظمة الخالق وجبروته، وإن من خير الشواهد على ذلك نظامنا الشمسي الذي نحن فيه -بكل ما أوتينا من علم وقوة- شيء لا يذكر، فسبحانك ربي الخالق ما أعظمك!.