مقدمة عن الوطن

قال الشاعر مصطفى الرافعي:

بلادي هواها في لساني وفي دمي

يمجّدها قلبي ويدعو لها فمي

ولا خير فيمن لا يحبّ بلاده

ولا في حليف الحبّ إن لم يتيم


الوطن هو المسكن، وهو تلك المساحة الجغرافية الواسعة مهما ضاقت، والتي تسكن قلب الإنسان قبل أن يسكنه جسده، والوطن هو الانتماء، إذ لا يكتمل شعور الإنسان بذاته وكينونته إلّا على أرضه، كما أنّ شعوره بالوجود لا يتحقّق إلّا على صدر أمّه، فالوطن أمّ بكلّ ما فيه من معانٍ سامية.


وصف الوطن

في الوطن هواء عليل لا تتنفّس رئتا الإنسان بنقائه مهما دار من بلدان، ففيه حقول مترامية تنافس جمال الكون في خصوبتها، وفيها تشهد به على ضحكات الطفولة الرنّانة التي انطلقت في أرجائها مهما طال الزمان، أمّا عن زُرقة سمائه ففيها يتجلّى إبداع الخالق، ومنها تنطلق روح الحرية التي نُفخت بما يحلّق فيها من طيور لوّحنا لها ولوّحت لنا كثيراً في الماضي، فيما تنعكس كلّ الروعة حين كنّا نجلس تحت أشجاره النّضرة لنلتقط أنفاسنا، ونتسامر فيما بيننا، ونأكل من خيراتها بشهيّة منقطعة النظير..لله درّ الوطن وما وُضع فيه من أسرار تجعله الأجمل، والأحلى، والأحبّ إلى قلوبنا رغم حبّنا لكل البلدان التي بها حللنا ونزلنا!.


واجبنا تجاه الوطن

للوطن علينا حقوق كثيرة علينا أن نؤديها حتى نفيه جزءاً بسيطاً ممّا قدّمه لنا على مرّ الزمان، وما يقدّمه لنا بكرم وسخاء حتى الآن، وإن سأل سائل عمّا سبق فستكون الإجابة هي ما يشعر به الإنسان حينما يكون على أرض وطنه من سكينة، وراحة، وأمان، وما يمارسه من حقوق متعدّدة وحرّيات، وما يجده فيه من خدمات كثيرة قد حُرم غيره منها حول العالم، فكلّ هذا يدفعنا لأن نخلص لهذا الوطن بكلّ ما أوتينا من قوّة، وأن نكون سدّاً منيعاً يذود عنه ضدّ ما قد يحيط به من أخطار معنويّة وماديّة، فنقف في وجه الفتن ونمدها بريح محبّتنا وولائنا، وأن نسعى كشباب يافعين لخدمته ونمائه، فنقيم الدورات التوعويّة المفيدة لشتى فئات المجتمع حول مواضيع مهمّة مثل نظافة هذا الوطن وطرق تطويره وغيرها من مواضيع، وأن نشارك في المبادرات المجتمعيّة الهادفة التي تسعى لتقدّمه، وأن نحافظ على ممتلكاته التي وُضعت لأجلنا بالنّهاية، وأن نسعى لاكتساب العلوم المفيدة وشتّى أنواع المعرفة، وعدم الاكتفاء بذلك بل التوجّه لتطوير ما اكتسبناه منهما، وتوظيفه في إفادة هذا الوطن، وتمثيله تمثيلاً مشرّفاً في الخارج، وعكس صورة مشرقة عنه.


الخاتمة

الأوطان هبة الله العظيمة للفرد، والتي عليه المحافظة عليها كدرّة ثمينة لا يجب التفريط فيها، فالوطن هو الروح والسُكنى التي إن فُقدت فقد الإنسان عندها ذاته، وما عوّضه عنها مال العالم أجمع، فحمى الله الأوطان من كلّ الشرور، وأنعم عليها بالخير، والبركة، والسرور، وسخّرنا لها حُماة مخلصين.