الأبناء

قال الشاعر:

وإنّما أولادنا أكبادنا

تمشي على الأرض

لو هبت الريح على بعضهم

لامتنعت عيني عن الغمضِ


الأبناء نعمة الله التي أنعم بها على البشر في هذه الحياة، فهم امتداد لأرواح والديهم الذين يلمحون فيهم ذواتهم منذ الولادة، ويشعرون عند النظر إليهم بالفخر والحبور وهم يكبرون يوماً بعد يوم، وبعد سنين يُصبح الولد سرّ أبيه، وتغدو البنت صديقة أمّها التي تسري عنها همومها، وليس أجمل من أن يكون الأبناء بذرة صالحة تعطي أينع النَبتِ، وأزكى الثمر عندما تكبر.


تربية الأبناء

تبدأ تربية الأبناء منذ نعومة أظفارهم لا عند كبرهم، فكما يقال إنّ العلم في الصغر كالنقش في الحجر لا يزول، ومخطئ هو من يظنُّ أن قائل هذا القول قد قصد العلم النظري والتجريبي وحسب، فكلّ ما في الحياة يجب تعليمه وتعلّمه، بما في ذلك الأخلاق الفاضلة التي يتمنّى كلّ الآباء والأمهات أن يتحلّى بها أولادهم، فالتربية عملية واسعة يجب أن يخطّط لها بدقة لتعطي أجود الثمر، والعشوائيّة فيها لا تُسفر إلّا عن جيل طائش وغير مسؤول لا يعيش إلّا لنفسه، ولا يعرف من عمره إلّا يومه الذي يعيشه فقط.


تربية الأبناء مسؤولية عظيمة تقع على كاهل الأهل فإمّا أن يستغلوا سلطتهم استغلالاً صحيحاً وموجّهاً أثناءها، فينشئون بذلك جيلاً فاهماً، متفهماً، واثقاً من نفسه محبّاً للأخرين، وإمّا أن يمارسوا هذه السلطة بتسلّط، وإساءة، فينشئون جيلاً عدوانياً، مليئاً بالعقد النفسية، والتربية الصحيحة تكون باتّباع أساليب عدّة أوّلها توجيه هؤلاء الأبناء برفق وحلم لينتهجوا السلوك الصحيح في مواقفهم اليومية المختلفة، فيبدأ الأب والأم بنصح الأبناء بالكلام اللّين والموعظة الحسنة، فيما يركّزون أثناء ذلك على ضرورة أن يكونوا قدوة لهم في سلوكاتهم، فلا يجد الأبناء تناقضاً بين الأقوال والأفعال، يلي ذلك اتّباع أساليب العقاب الصارمة وغير المهينة لردع الأبناء عن سلوكاتهم السيئة إن لم يرتدعوا، وللعقاب أساليب كثيرة على الآباء والأمّهات التفقّه بها لعدم الإضرار بفلذات أكبادهم.


وقد يقع الوالدان أو أحدهما أثناء رحلة تربيته لأبنائه في العديد من الأخطاء كتدليل الأبناء المفرط من شدّة حبّه لهم دون علم منه بأنّه بذلك يضرّهم ولا ينفعهم، وينشئ فرداً متواكلاً غير متحمّل للمسؤولية، فيما قد يقع البعض في فخّ التسلّط على الأبناء، أو الحماية المفرطة لهم، وكلّ هذه من الأمور الخاطئة التي يجب تجنّبها حتى نربّي جيلاً مسؤلاً، ومتّزناً، وقادراً على إعلاء اسم الأمّة، يحمل في داخله بذرة خير تنبتُ عند كبر والديه وحاجتهما إليه، فتتكشّف بواطنه عن أجمل صور البرّ والرأفة بهما، وعند هبوبه لمساعدة فقير أو محتاج رآه في مكان ما، وعند إخلاصه في عبادته، وعمله، وتفوّقه في دراسته وبحثه، وغيرها من المواقف الأخرى.


الخاتمة

تربية الأبناء أمر غاية في الدقة والمسؤولية على الآباء والأمّهات التفقّه حوله، وانتهاج الأساليب القويمة خلاله، والتحلّي بالصبر والعزيمة أثناءه، والتوجّه إلى الله تعالى صاحب الأمر كلّه بالدعاء لحفظ هؤلاء الأبناء بعد الأخذ بالأسباب جميعها.