طلب العلم

العلم نور كلّ طريق، وسبب ارتقاء الأمم ونهضتها، وتخليص الأفراد ممّا يحيط بهم من مخاوف وخرافات، وقد أردك الإنسان منذ بدء الخليقة ضرورة هذا العلم وسعى بفطرته للبحث عنه، فجاب الأرض في نواحيها يتعلّم ما يؤكل، ويُشرب، ويُقال، ويهذّب النفس، وقد سُميّ السير في طُرق العلم (طلباً له)، وكان هو الأداة التي يحقّق بها الإنسان فوائد هذا العلم ويلمحها في حياته، وقد حثّ الدين في مواضع كثيرة على طلب العلم في كلّ حين، وكان منها ما نزل في كتابه العظيم: (اقرأ باسمِ ربِّكَ الَّذي خلَق)، وذلك إن أشار إلى شيء فإنّما يشير إلى أهميّة طلب العلم وتحصيله منذ فجر التاريخ وحتّى يومنا هذا.


أهميّة طلب العلم

يحتاج الفرد إلى طلب العلم لينير عقله ويخلّصه ممّا يضرّه من خرافات، بالإضافة إلى كونه باباً من أبواب التفقّه في الدين وكسب رضا الله عزّ وجلّ، كما أن طلب العلم أداة للعمل؛ فهذا طالب العلم يعمل بعد مروره برحلة من التعلّم والتفقّه في سلك التعليم، أو الصحة، أو السياسة او غيرها من الحقول التي تدرّ عليه رزقاً حلالاً يكفيه في معيشته، بالإضافة إلى كونه سبباً في تثقيف المرء وزيادة وعيه ومعرفته، وتوسيع علاقاته مع النّاس من حوله، أمّا على صعيد المجتمع فطلب العلم دليل على رقيّه، وسبب في حضارته وظهوره بين الأمم بحلّة الدولة المتحضّرة الفتيّة دوماً، وهو السبيل للمزيد من الاختراعات التي تفيد البشريّة وتسهّل حياة الأفراد من حوله، كما أنّه سبب في نماء المؤسسات، وحركتها الاقتصادية بشكل مباشر وغير مباشر.


آداب طلب العلم

لكلّ شيء آداب، ولطلب العلم آداب كذلك على الطالب التحلّي بها عند سيره في هذا الطريق غير السهل؛ لنيل أقصى درجة من الإفادة، وأوّل هذه الآداب هو التأدّب في التعامل مع العلماء والمدرّسين، ومَن يؤخذ عنهم هذا العلم فكما قيل قديماً: "مَن علّمني حرفاً كنتُ له عبداً"، واختيار الثقات من هؤلاء العلماء لأنّ ثاني هذه الآداب هو الاستفادة ممّا يكتسبه الفرد من العلوم نقلاً وعملاً، ما يعني أن يعمل طالب العلم في ذلك العلم الذي اكتسبه فيما يفيد وطنه وأمّه، وأن ينشره ولا يحفظه في صدره فقط فيموت العلم بموته، بالإضافة إلى ضرورة التحلّي بخلق الصبر عند البحث عن هذا العلم، والإخلاص في طلبه فلا يكون للافتخار أو الاستعلاء عمّن هم حولنا أبداً.


الخاتمة

طلب العلم ضرورة على كلّ إنسان عليه أن يضعها ضمن أولوياته دون اعتبار السنّ عائقاً، فطلبه لا يتوقّف في سنّ معيّنة بل يجب أن يستمرّ الإنسان بالتعلّم، والتفقّه، والإفادة والاستفادة حتى مماته، لما في ذلك من ضرورة في إحساس الفرد بإنسانيّته، وتقدّم لأمّته، وتخليص للعقول التي تحيط به ممّا يعلق بها من خرافات وسموم.