عيد الأضحى

يقف المسلم متدبّراًً لمدى تسليم سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام لله خالقهما عند قراءة الآيات: (فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)، فما أقدم عليه هذان النبيّان صلوات الله عليهما لا يُقدم عليه إلّا كل ذي إيمان بالله وثيق، إذ أقبل الأب على ذبح ابنه تحقيقاً لرؤيا من الله، ووسط هذا المشهد المهيب افتدى الله تعالى عبده إسماعيل بكبش عظيم بعد أن اختبر عمق إيمان عبدَيه، ليكون اليوم العاشر من ذي الحجة من كل عام يوماً مبارك يحتفل فيه المسلمون وتجتمع فيه مناسك الحج، والنحر، ورجم الشيطان وغيرها، ويكون هو العيد الثاني من أعياد المسلمين -بعد عيد الفطر- ويُسمّى عيد الأضحى المبارك.


مظاهر عيد الأضحى المبارك

للمسلمين عيدان: عيد افطر السعيد وعيد الأضحى المبارك، وقد أمر الله تعالى عباده بتعظيم شعائره، ويكون ذلك في هاتين المناسبتين بالاحتفال بهما بما لا يتنافى مع ديننا الحنيف، والابتهاج بقدومهما، واعتبارهما أياماً مميزة عن غيرهما من الأيام، وعيد الأضحى الذي يوافق أول أيامه اليوم العاشر من شهر ذي الحجة من كل عام يمتدّ أربعة أيام يحتفل فيها المسلمون، فيما يقوم بها الحجاج بإتمام ما بدؤوه من مناسك حج تقرّباًً لله تعالى، فتختلط المشاهد لتعطي أروع الصور الإيمانية التي تعكس حرص المسلمين في شتّى بقاع الأرض على التقرّب إلى الله تعالى، وإحياء سنّة أبيهم إبراهيم.


ينطلق المسلمون المقتدرون قبل عيد الأضحى المبارك بأيام لانتقاء أفضل الأنعام من أغنام، وأبقار، وإبل لنحرها وتقديمها قرباناً لله تعالى الذي أمر بتوزيع جزء من لحومها على الفقراء والمساكين، وإطعام أهل البيت منها أيضاً، فتكثُر حظائر الأنعام في أماكن محدّدة من البلاد، فيما تعلو أصوات التكبيرات في الشوارع، والبيوت وغيرها، وترى حلوى العيد وقد ملأت الأسواق من شتى الأصناف والأشكال، وتلحظ ازدحام الأسواق ومراكز التسوّق بالأهالي الذين توجّهوا إليها لشراء ملابس العيد لأطفالهم لإدخال الفرحة والسرور إلى قلوبهم، أمّا البيوت فتختلط روائح الحلويات العربية المنبعثة منها، فهذه تصنع المعمول وتلك تصنع الغريبة، وأخرى تبدع في صنع الجوزية وغيرها من الأصناف اللذيذة، فيما تُزيّن الشوارع بالأضوية المُبهجة كذلك احتفالاً بالعيد.


يستيقظ المسلمون فجر العيد على أصوات التكبيرات التي تعمّ الأفق مع نسمات الصباح، وينطلقون إلى المساجد والمصليّات لأداء صلاة العيد، فيلتقون هناك بأحبّتهم، وأقربائهم، وأصدقائهم فيهنّئونهم بحلول العيد، فيما ينطلقون بعد ذلك في زيارة بعضهم البعض، وصلة الأرحام، وتوزيع لحوم الذبائح على الفقراء والمعوزين بعد ذبحها.


الخاتمة

عيد الأضحى من شعائر الله التي يجب أن تُعظّم، فعلى الإنسان الابتهاج به بما يتوفّر لديه من إمكانيات، وعلى القادر إحياء سنّة النحر، وتوزيع لحوم الأنعام على الفقراء والمعوزين ليشعروا ببهجة هذا اليوم ولتحلو أعيادهم.