المقدمة

من منّا لا يعرف أمر النبي الذي طلب أن يرى الله جهرة، فكلّمه الله دون الاستعانة بالملائكة، وأخبره بأنّه سيكشف عن نفسه للجبل، فخرّ الجبل من شدّة الخشوع وهول الموقف!، إنّه نبي الله وكليمه موسى، صاحب العصا المُنقلبة إلى أفعى، واليد البيضاء المنيرة التي خرجت من جيبه من دون سوء، ومن أهلك الله فرعون بسبب دعائه، وصاحب الكثير من المعجزات الأخرى التي لا يتّسع لها المقام.


قصة موسى عليه السلام

وُلد موسى عليه السلام في عصر تجبّر به فرعون وطغى، وكان يستمع إلى بطانته من السحرة فيصدّق ما يقولون، وكان مما قالوا أنّ صبياً سيولد قريباً وسيكون على يده هلاك الفرعون العظيم، وهو ما جعله يأمر بقتل الذكور من المواليد عاماً بعد عام، أمّا موسى الذي وُلد في العام الذي يقتل فيه الذكور فحماه الله ووقاه، وذاد عنه ونجّاه، إذ أوحى لأمه أن تضعه في تابوت في نهر ساقه إلى قصر فرعون ذاته، فيا للهول!، ولما نقلت الجواري الصبي إلى آسيا زوجة فرعون توسلت إليه -فرحة- أن تصطفيه ابناً يعينهما على الدهر في مكبرهما فوافق، وحرّم الله على موسى المرضعات دون أمه، فعاد إلى حضنها وقرّت عينها به من جديد.


كبُر موسى عليه السلام وتوالت أيامه في مصر حتى كان يسير مرّة في السوق، فرأى رجلاً من بني إسرائيل يقتتل مع رجل قبطي، فطلب الإسرائيلي نصرته فأجابه موسى بوكز القبطي عنه لردّه، وكان قد جاء أجل ذلك القبطي فأماتته تلك الوكزة، ففر نبي الله موسى خارج المدينة خوفاً من انتقام بني إسرائيل، ولمّا وصل مدين رأى مكاناً قد ورد إليه الناس للسقاية وتعبئة الماء، ورأى من دونهما فتاتين تقفان على استحياء، فسقى لهما عندما أخبرتاه بأن أباهما رجل كبير لا يستطيع السقاية، وكان قدر الله أن يتزوج إحدى هاتين الفتاتين، وأن يعمل لدى والدها ثمان سنين إن شاء أو يزيد.


ارتحل موسى وأهله وذهب إلى جانب جبل يستأنس ناراً، فكلّمه الله في الوادي المقدّس طوى، وأخبره بأنّه اصطفاه عن العالمين جميعاً، وجعله نبياً مرشداً مبدداً لظلم بني إسرائيل، وطلب منه التوجه إلى فرعون الطاغي، بل وأجرى على يده العديد من المعجزات، فحوّل ما كان بيده من عصا إلى أفعى، وأمره بدسَّ يده بجيبه وإخراجها فكانت بيضاء منيرة، وغيرها ممّا يدلل على نبوّته، فاستجاب موسى لأمر ربّه تعالى وطلب منه أن يرسل معه هارون أخاه ليكون له سنداً وعوناً، فاستجاب الله تعالى، ولما ذهبا إلى فرعون لدعوته استهزأ بهما، وتحدّاهما وتحدى الربّ الذي يدّعيان وجوده، وطلب منهما أن يرياه ما في حيلتهما من معجزات، فأخبره سحرته بأن موسى وفرعون ساحران، وأنهم قادرون على إبطال سحرهما، ولما جمعهم بالسحرة ألقى السحرة حبالهم فتهيّأ للناظرين بأنها أفاعٍ تسعى، فكانت معجزة الله تعالى لموسى أن أوحي إليه بإلقاء عصاه للتحول إلى أفعى عظيمة فتلتهم حبالهم المسحورة، وهو ما كان في عُرف السحرة والعالمين بالسحر أمر مستحيل، وغير ممكن الحدوث، فآمنوا معه مما أثار حنق فرعون وزاد غيظه.


الخاتمة

أوحى الله تعالى لموسى وفريقه من المؤمنين بالخروج من مصر ليلاً، فعلم فرعون بأمرهم وأمر جنوده باللحاق بهم ففعلوا، ولما اقتربوا من البحر وظنّ أصحاب موسى أنّهم مدركون لا محالة، أوحى الله تعالى له بأن يضرب البحر فانفلق على إثر ذلك إلى نصفين، ومضى موسى يسلك ذلك الطريق ويتبعه صحبه، ولمّا وصلوا وجهتهم ونجوا التحم البحر ثانية فأغرق فرعون وجنوده الذين تبعوهم ليجعلهم آية لكل مكذّب أثيم.