أرض جدّي
كان جدّي يملك حقلاً يمتلئ بأنواع مختلفة من المحاصيل الزراعيّة التي يزرعها بنفسه، كان يستيقظ في كلّ صباحٍ مع شروق الشّمس، ويتجه إلى الأرض، فيحرثها ويزرعها ويسمّدها ويسقيها، ويزيل منها الأعشاب الضّارة التي تُميت الزرع، كان عمل جدّي شاقًا في أرضه، لكنّه لم يشكُ يومًا من صعوبة هذا العمل الذي كان يُحبّه جدًا، وكم كان يشعر بفرحٍ غامرٍ في مواسم الحصاد، فقد كانت الأرض تُعطيه أكثر مما يُعطيها.
ذهبنا يومًا لزيارته وقضاء يومٍ كاملٍ في الأرض، فوجدناه راكبًا محراثه يحرث الأرض جيئةً وذهابًا، وعندما رآنا لوّحنا له من بعيدٍ، فابتسم وأوقف المحراث الذي ترجّل منه ليلقي علينا التحيّة، وجلسنا أمام بيته الصّغير الريفي في المزرعة، وكنت أرى جدّي يتأمّل عمله، وأشجاره بزهوٍ وإعجابٍ، وكأنّه يُشاهدها للمرّة الأولى، فسألته: هل عملك شاق يا جدي؟
ابتسم لي وقال: يا صغيرتي، في عمق الأرض كنزٌ عظيم لا يعرف شكل هذا الكنز غير الفلاح، ولا يمكن أن يخرج هذا الكنز من مكانه إلا بعد مشقّةٍ وتعب، وفي حال خروجه في مواسم الحصاد ننسى كل التعب الذي بذلناه طوال العام.
وبعد استراحة الغداء تابع الجد حديثه: الأرض كالأم التي تحمل الجنين في أعماقها، فحتى يكبر الجنين عليها رعايته بشكلٍ دائمٍ، وهذا ما نفعله في حقولنا، هل ترون هذه الأشجار العالية المثمرة، كانت عبارة عن شتلاتٍ صغيرة غرسناها في الأرض الخصبة، واعتنينا بها حتى نمَت وكبرت وأعطتنا من ثمرها، فأكلنا منه وأطعمنا الجميع، أساس الحياة يا صغاري هي أرضٌ خصبة نعتني بها، فتفيض علينا خيرًا، وانطلقنا بعد تلك الاستراحة نتجوّل حول الأشجار، ونتسلّق بعضها لقطف الثِّمار العالية، ونعاون جدّي في إزالة الأعشاب الضارّة التي بدأت تنبت حول الأشجار، كان نهارًا جميلًا تعلّمنا فيه حبّ الأرض، وأكلنا من خيرها الوفير.
الخاتمة
علينا أن نكون أصدقاء طيبين للأرض، فلا نقتلع الأشجار، ولا نشعل النار فيها، ونعتني بها بشكلٍ دائم.
للمزيد من المواضيع: تعبير عن وصف الحقول، تعبير عن الريف