المقدمة

قيل قديما "الجار قبل الدار"، وهذا المثل يعني أن يبحث الإنسان عن الجيران الجيدين قبل بحثه عن البيت الجيد، وذلك لأنّ الجار الجيد يشعر الإنسان بالراحة والاستقرار في بيته وإن كان بسيطاً ومتواضعاً، أمّا الجار السيئ فيشعر الإنسان بالاشمئزاز من مكان سكنه، وبعدم الراحة حتى وإن كان البيت من أجمل البيوت وأكبرها.


آفة الجار السيئ

ها نحن نستعد للرحيل اليوم إلى بيتنا الجديد في حيّ جديد وراقٍ، وأنا متحمسة جداً لذلك، فالمكان يبدو جميلاً، وهادئاً، والبيت كبير وواسع، وهو ما يجعلني أتخيل الحياة في هذا المكان رائعة جداً لا ينغص علينا فيها أيّ شيء، وبينما أنا سارحة في تخيّل حياتنا الجديدة هناك سمعت أمي تقول "ربنا اكفنا شرّ جار السوء"، فلم أفهم بالضبط ما تقصده، فسألتها عن ذلك، فقالت: الجار قبل الدار يا عبير، فجار سيئ قد يجعلك تكرهين حيّاً بأكمله، وترغبين بالرحيل منه رغم جمال البيت الذي تسكنين به، وجار جيد يا ابنتي يشعرك بالاستقرار والراحة، والرغبة في البقاء في الحي والمنزل على بساطتهما وتواضعهما.

فقلت: أيعقل هذا يا أمي؟ أن أترك منزلاً من أجل جار سيئ؟ ومالي وماله؟ فأخلاقه له وأخلاقي لي.

قالت أمي: مخطئة أنت يا ابنتي، فالجار هو شريك في مكان السكن، وهذا يؤثر على كل أفراد المنزل في كل وقت، فتخيلي معي لو أنّ لك جاراً يستمر في تشغيل الموسيقى طوال اليوم، أو حتى وقت متأخر من الليل، ترى ماذا سيكون موقفك إن احتجت إلى الدراسة، أو أخذ قسط من الراحة، أو كان لدينا مريض في المنزل؟

-ممم، معك حق يا أمي.

-ليس هذا وحسب يا ابنتي فبعض الجيران ذوي أخلاق سيئة، لا يستمعون منك إلى النصيحة، ولا يستجيبون لطلبك، ويؤذونك بقاذوراتهم الملقاة أمام المنزل وفي الممر، وبعضهم لا يأبهون لإزعاج الجار بصوتهم العالي الممتد إلى آخر الليل، كما أن الجار السيّء لا يراعي عورة بيت جيرانه الآخرين.

-وماذا يعني ذلك يا أمي؟

-يعني ذلك عدم غضّه لبصره أو سمعه عن بيت جيرانه، فترينه ينظر إلى باحاتهم أو داخل منزلهم إن سمحت له الفرصة بذلك، بل والبعض يتعمّد استراق السمع لما يدور داخل بيوت جيرانه الآخرين، وبعض الجيران يا عبير يقومون بنشر الشائعات حول جيرانهم، والشماتة بهم إن أصابتهم مصيبة ما، وعدم التوجّه إليهم لمساعدتهم.

-أنا متفاجئة يا أمي، فقد ربيتنا على عكس ذلك تمامًا.


الخاتمة

بالطبع يا ابنتي، فقد أمرنا ديننا الكريم بالإحسان للجار، وقد وصانا رسولنا بذلك، لذا علينا التعامل معهم بالخلق الحسن دوماً، لنكون نعم الجيران والأهل.



للمزيد من المواضيع: تعبير عن الجار، تعبير حول نبذ الأخلاق الذميمة