الفلاح
الفلاح هو هذا الشخص البسيط الذي يستيقظ قبل شروق الشّمس كلّ صباحٍ، يتناول إفطاره البسيط، ويعدّ زوادته التي تكفيه حتّى المغيب، ثم ينطلق إلى أرضه يحرثها، ويسقيها، ويبذرها، غير آبهٍ بأشعّة الشمس الحارّقة، أو قطرات العرق التي تسيل على وجهه من مشقّة العمل، يتوقّف قليلاً لشرب الماء لتبتلّ عروقه فتخفف من وطأة حرارة الشّمس فوق رأسه، ويعود من جديدٍ ليقلّب الأرض، ليزرع الثمار التي تبقينا جميعًا على قيد الحياة.
الفلاح والأرض
يرتبط الفلاح بالأرض منذ صغره، فهذه الأرض التي ورثها عن الآباء والأجداد تستمر بالعطاء بهمته وتعبه، ويورّث علاقته العميقة بالأرض لأولاده من بعده، بعد أن يغرس فيهم محبتها وأهميتها، كما يغرس الشجر والنبات في الأرض، الفلاح هذا الإنسان البسيط لا تغريه أضواء المدينة وبهرجتها، وأجمل لحظاته تلك التي يمضيها في حقله بين أشجاره ونباتاته، متأملاً عظمة الخالق فيما تنبته الأرض، فيأكل منها ويعيش من خيرها، ويُطعم الجميع.
علاقة الفلاح بالأرض هي كعلاقة الشاعر بقصيدته، والجندي بوطنه، والكاتب بروايته، فالأرض تعني له الحياة، يعرف متى تحتاج هذه الأرض إلى ماء، ومتى تحتاج إلى سماد، ومتى يجب أن ترش بمبيدٍ ليحمي ما نبت عليها من الحشرات التي يمكن أن تؤذيها، ويعلم ماذا سيزرع في كل فصلٍ، وماذا سينبت في كلّ فصلٍ، فالأرض هي موطن الفلاح ومسكنه، يفتخر بلقب فلاح للارتباط العميق بين هذا اللقب وبين الأرض، فقد اشتق لقبه من فلاحة الأرض التي منها تستمر الحياة على الأرض، ليجعل من مهنة الفلاحة من أعظم المهن في الوجود.
ومن القصص الرائعة التي تروي حكاية الفلاح الذي يشقى من أجل الآخرين، حيث قيل بأنّه في يومٍ من الأيّام مرّ كسرى أحد ملوك الفرس الساسانيين بفلاحٍ طاعنٍ في السن، يقوم بغرس شجرة زيتونٍ في الأرض، فاستغرب كسرى هذا الأمر، وقال له: أيها الشيخ هل تأمل يومًا بأن تأكل من ثمار هذه الشجرة وأنت شيخٌ طاعنٌ في السن؟
فردّ عليه الفلاح المسن قائلاً: "غرسوا فأكلنا، ونغرس فيأكلون"، وهذا يدل على أنّ الغرس امتدادٌ للفلاح في أرضه، فهم يؤمّن قوت الغد للناس حتّى لو كان راحلاً، كما فعل أجداده من قبله.
ودور الفلاح لا يقتصر على زرع أرضه وحرثها، بل تزويد السوق بما يحتاجه من خضارٍ وفاكهة من نتاج أرضه، فيتغذّى الناس من نتاج أرضه، وكثيرًا ما يلجأ الفلاح إلى تربية المواشي والطيور، وفي كثيرٍ من الأحيان يعمل على تربية النّحل، فيصدر أيضًا منتوجاتها من حليبٍ، وأجبانٍ، وعسلٍ إلى السوق، ومن هنا تبرز أهميّة عمل الفلاح، فهذه المهنة هي الأساس في المهن الأحرى، ولولاها لانتهت الحياة على سطح الأرض.
الخاتمة
الفلاح هو الإنسان الذي يزرع الأشجار والنباتات التي تقضي على التلوّث في الجو، وتزودنا بغذائنا اليومي دون جهدٍ أو تعبٍ منا، ومهنة الفلاح عظيمة برغم مشقتها وصعوبتها.
للمزيد من المواضيع: تعبير عن القرية، تعبير عن الأرض