المقدمة

خلق الله الإنسان، وأمره بأن ينشغل بعبادته وإعمار الأرض، والانشغال في نفسه وإصلاحها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن استطاع، فإنّه إن فعل ذلك أصاب وجاء بعين الصواب، وأفلح وكان من الفائزين، فقد قال الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)، فحفظ الفرج وحفظ اللسان هما مفتاحا دخول الجنة، وقد أوردهما الرسول الكريم سوياً وأولاهما نفس الدرجة من الأهمية، ولم يكن هذا عبثاً، حاشى وكلا؛ فرسولنا الكريم على دراية تامة بأنّ أساس الآفات، وسقوط المجتمعات تأتي من عدم التزام الإنسان بالحفاظ على ما سبق.


حفظ اللسان

قال الشافعي رحمه الله:


لسانك لا تذكر به عورة امرئ فكلك عورات وللناس ألسن. وعينك إن أبدت إليك معايبا فدعها وقل يا عين للناس أعين



وهو هنا ينظّم أمور تعامل الإنسان مع الآخرين، ويضع حداً لتجاوز الإنسان عليهم، فيأمره بحفظ اللسان وغض الطرف عن عيوب الآخرين ومساوئهم، فإن غضّ الطرف عن عيوب الآخرين، وإدراك أنّ لكل إنسان عيوباً قد سترها الله هي الخطوة الأولى في حفظ اللسان، وأنا إذ أقول حفظ اللسان فأنا أعلم بأنه أمر غير هيّن، لكنه ليس بالمستحيل أيضاً، فعندما يستحضر الإنسان الحديث الكريم سابق الذكر، يدرك أن بضاعة "حفظ اللسان" تلك هينة وبسيطة مقابل أن يشتري بها الجنة، وعندما يعلم أنّ من خاض في عرض أخيه المسلم، أو من ذكره بسوء كأنما أكل لحمه ميتاً في الكراهية والبشاعة لا بد له من أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويحفظ لسانه.


آفات اللسان

إنّ للسان آفات كما لكل شيء آفات، وإنّ المفلح من عرفها فقرر الابتعاد عنها مرضاة لله، وتجنّبها ونبذها، ومن آفات اللسان الغيبة وهي ذكر إنسان بما يكرهه من عيوب في نفسه في غيبته، وقد تكون باللسان، أو بالإشارة أو غيرها، وهي من أعظم الأمور عند الله، وأكثر ما ينسف صالحات المرء ويخفف أعماله في الميزان، أمّا النميمة وهي آفة أخرى فهي السعي للإيقاع بين شخصين بنقل الكلام بينهما، وقد يكون هذا الكلام حقيقياً قد حدث بالفعل، وقد يكون افتراء مختلقاً وفي كلتا الحالتين فإنّ النميمة أمر عظيم عند الله تعالى، فالفتنة وتشتيت أمر المسلمين أشدّ من القتل، وآفات اللسان كثيرة على الإنسان الانتباه لها، ومنها الكذب وقول الزور، وإيذاء الناس بقول الكلام الجارح الذي يصف ما لا يحبون من أحوالهم، أو أشكالهم أو أذواقهم أو غيرها، ومنه أيضاً التطاول على من هم أكبر منه سناً بالقول واللفظ.


الخاتمة

على الإنسان أن يعتني شديد العناية بما يصدر عنه من كلمات، فالكلمات كما السهم قد تصيب فتوجع وتأتي في مقتل، أو كالبلسم تقع على الجرح فتطيِّب ما به من أذى، فليحرص على حفظ لسانه والفوز برضا الله والجنة.



للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن الغش، موضوع تعبير عن الأخلاق