المقدمة

أقسم الله تعالى بهذه الشجرة العزيزة في كتابه الكريم فزادها تشريفاً، وذلك حين قال: (والتين والزيتون* وطور سنين)، (سورة التين، الآيات: 1-2)، فهذه الشجرة المباركة تملك من الصفات ما يؤهلها لأن تُذكر في كتابه العزيز، وإن سأل سائل عن شجرة التين فهي شجرة من أقدم الأشجار الموجودة على سطح الأرض جنباً إلى جنب مع شجرة الزيتون، والنخيل، وهي الأطول عمراً بين الأشجار المثمرة جميعاً، فما أجملها من شجرة، وما ألذ ما تطرحه من ثمر.


موسم القطاف

هبّت عليّ نسمات صيفية عليلة وأنا جالس أطالع الشارع والمارة فيه في إحدى ليالي شهر تموز الحار، فأعادتني إلى سنين خلت حيث كنّا أطفالاً صغاراً يأتمرون لأمر جدّهم العظيم إذا ما ناداهم يوماً وأخبرهم أن يستعدوا غداً، ويعدوا عدّتهم فهو يوم قطاف الزيتون في حقله الواقع في طرف المدينة، كنا نسمع ذلك فنتقافز فرحاً، فقد كان ذلك اليوم يوماً جميلاً نتشارك به قطاف الزيتون نحن وأولاد عمي وأولاد عماتي، في طقوس عائلية جميلة لا تتكرر السنة كاملة، كنا نستيقظ في اليوم الموعود صباحاً وننطلق إلى الحقل بعدّتنا، ونبدأ بقطاف الزيتون ونحن نتشارك الأغنيات، والنكات، والأحاديث، وما إن يتمكّن منّا التعب والإرهاق حتى نطلب من جدي استراحة قصيرة فيأذن لنا بها، فتعدّ جدتي الحنونة لنا إبريقاً من الشاي نتوجّه به إلى سيدة الحقل في لك الوقت " شجرة التين الكبيرة" الموجودة في آخر البستان.


تينة الحقل

هذه الشجرة ذات الأوراق الخضراء العريضة، والأغصان المتداخلة لطالما استطاعت أن تجمعنا تحت ظلالها الوارفة، لا زلت أذكر رائحتها المميزة، فقد كانت تفرز مادة بيضاء يُقال أنّها تكافح بها الأمراض والحشرات، ولا بدّ أنّها كانت أساس الرائحة، نجلس لنتسامر تحتها، ونحتسي كؤوس الشاي، فتكسر لهو حديثنا ثمرة تين شديدة النضج وقد سقطت من الشجرة لكبر حجمها، فيلتقطها أحدنا ويفتح جوفها لنرى أجمل لوحة فنية خلقها الخالق ملونة باللونين الأحمر والأبيض، أمّا طعمها فسكريّ ليس له مثيل، وما أن نرى ذلك حتى نبدأ بالبحث عن شبيهات هذه الثمرة، فننطلق ونلتقط هذه الحبة، ونأكل تلك، ونتقاسم أخرى حتى لا يعود لطعام الغداء متّسع في بطوننا، فهذه الشجرة خيّرة تحمل من الثمر الحلو الكثير، ما يجعلنا نقطف منها ما يُشبعنا ويفيض، فنحمله معنا إلى بيوتنا لتجفيفه والتمتع بنكهته الجديدة طوال العام، فشجر التين معطاء بالصيف، أما في الشتاء فتتساقط أوراقه ولكنه يبقى شامخاً باتظار فصل ربيع آخر يبعث فيه الحياة من جديد.


الخاتمة

التين شجر مبارك أقسم الله به في كتابه العزيز، وهو لنا خير غذاء ودواء، فما أجمل أن نكثر من زراعته، ونتلطّف بالعناية به وسقايته، فالتينة كما كل الشجر تحتاج ليد حانية تراعاها طوال العام حتى تطرح أزكى وأحسن الثمر.


للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن شجرة اللوز، موضوع تعبير عن شجرة الليمون