شهر رمضان

قال تعالى في محكم التنزيل: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، شهر رمضان هو شهر الرحمات، والبركات، والغنائم، وهو من خيرة الشهور عند الله، ففيه تُقبل من المسلم أفضل طاعاته وهي الصوم، وفي أيّامه ولياليه تُصفّد الشياطين؛ ليُعطى المرء فرصة لمنافسة إخوانه المسلمين بأفضل عمله.


طقوس شهر رمضان

ما إن يُرصد هلال الشهر الكريم، ويُعلن عن أنّ يوم غد هو أول أيّامه حتى تنفرج الأسارير، وترتسم البسمات على الوجوه، ويتوجّه المصلّون إلى المساجد لأداء صلاة التراويح، وتتعالى أصوات رسائل التهنئة القادمة من الصحب والأحبّة، فيما تُوقد الفوانيس المحضّرة مسبقاً، وتصدح أصوات الأطفال منشدين الأناشيد احتفالاً بقدومه، فيما تبدأ الأمهات بالتفكير فيما سيعددنه غداً من أصناف مأكولات ومشروبات، وحلويات، ونوافذ البيوت تعكس إنارة الشوارع التي ازدانت بالأضواء الملوّنة احتفالاً بالشهر الكريم، وتعمّ البهجة الأحياء، وتبدأ النفوس بالصفاء استعداداً لصيام أوّل أيّام هذا الشهر الفضيل، فيما تبدأ الأطباق بالتنقّل بين الجيران كلٌّ يحبُّ أن يطعم جاره ممّا أعدّه للإفطار من طعام وحلويات، فتزيد بذلك الألفة، ويطرح الكريم البركة.


فضل شهر رمضان المبارك

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صُفّدت الشياطين ومَردة الجن، وغُلّقت أبواب النار، فلم يُفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يُغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة)، فأيّ خير يبغيه الصائم بعد ذلك وقد أُغلقت أبواب النار، وفُتحت أبواب الجنّة وأوّلها باب الريّان الذي أعدّ خصيصاً للصائمين! ولا عجب بعد ذلك من أن يلمح الإنسان ما يلمحه من صفاء في النفس، وسموٍّ في الروح، وخفّة في القلب والأعضاء عند صيامه، فالصيام عبادة روحانية تخاطب الروح قبل أن تخاطب الأعضاء، والمسلم إذ يترك شرابه وطعامه من الفجر إلى المغرب، إنّما يتركها لله ويعلن تحرّره من حاجاته الدنيويّة المتمثّلة بهما، فيستشعر إحساس الفقراء والمحتاجين بقدر أكبر، وينشغل بحاجات نفسه وروحه عن حاجات جسده وأعضائه، فيقوم بقراءة القرآن، والتضرّع بالدعاء، وتقديم الصدقات وتزكيات المال لما في ذلك من فرصة إضافية لنيل الحسنات، ورفع الدرجات، وتفريج الكربات.


وشهر الصوم فضله عظيم وممتدٌّ منذ بدء أوّل أيّامه وحتى آخرها، إلّا أنّ الله خصّ العشر الأواخر منه بوجود ليلة هي من اعظم الليالي فيه، ليلة تقدّر فيها العبادة بعبادة ألف شهر، وتتنزّل فيها الملائكة حافة العابدين القائمين بالرحمات والبركات، هي ليلة القدر وليس مثلها ليلة!.


الخاتمة

على المسلم أن يغتنم حلول شهر رمضان الكريم بحصاد الحسنات، والابتعاد عن المنكرات، والمُلهيات التي قد تضيّع عليه شهراً لا يحلّ ضيفاً سوى مرّة في كل عام، فقد أفلح من ترك كل شيء وتوجّه إلى الله يرجوه، ويدعوه، ويتضرّع إليه ليقبله، ويرفع من درجاته.



للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن العيد، موضوع تعبير أول يوم صيام في شهر رمضان