المقدمة

هو ليس بيت شعر واحد الذي تغنّى بالمعلّم منذ الأزل، بل هي قصائد تطول وتطول نُظمت لوصف هذا الإنسان العظيم، ولوصف عظيم دوره في المجتمع، وفضله الكبير على كلّ فرد فيه إلى آخر حياته، فقد قالوا قديماً "من علمني حرفاً كنت له عبداً"، وقد أصابوا في ذلك، وقالوا الكثير أيضاً، إلّا أن ما يحضرني الآن هو قول شوقي:

قم للمعلم وفّه التبجيلاً ** كاد المعلّم أن يكون رسولاً


وقد أصاب وأجاد شوقي بما قال، إلّا أنني أرى المعلم رسولاً فعلاً، فهو رسول علم، ومعرفة، وهدى، ونور أزاح ستار العتمة وغمّتها عن عين الأمّة، فانطلقت تبصر نور ربّها منذ وجوده.


فضل المعلم

في الحياة أمور لا تُعدّ ولا تحصى، وأشياء لا تقدّر بثمن، فهي أغلى من أن تُقاس وتوزن، ومن هذه الأمور فضل المعلم، ففضل المعلم علينا جميعاً عظيم لا يمكن حصره ولا عدّه، كيف لا وقد نذر هذا الإنسان نفسه ليكون للعلم أداة، يغرف منه بمنتهى الكرم والأخلاق ليسقي بها طلابه دون كلل أو ملل! كيف لا والأيام تمرّ، والليالي تنقضي ولا تراه إلّا قمراً يزداد نوراً، وإنساناً يزداد إخلاصاً ومحبة لمهنته مع الزمن!، فالمعلم حين اختار مهنته هذه وهو يعلم بأنّها لن تجلب له ذلك المرتّب الوفير الذي سيكفيه حتى آخر الشهر، لم يخترها إلّا لأن غايته تنشئة جيل يحب الله ووطنه، ويحمل قيمهما في وجدانه، ويعلّقها نيشاناً على صدره، وينضبط بهما، فلأجل ذلك اختار أن يكون رسولاً للعلم والمعرفة، مبدداً للجهل والظلام.


ولأجل ذلك انطلق هذا المعلم يشقّ طريقه قبل أشعة الشمس، فيسابق ندى الصباح بهمّة ونشاط إلى مدرسته التي يعتبرها منزله، ومن فيها عائلته، ينطلق إليها كلّ يوم وفي صدره هدف واحد فقط تنشئة جيل سينهض بهذه الأمة يوماً ما بما يغرسه به من علم، وأفكار، ومبادئ، فنحن كما نعلم لم تكن وظيفة المعلم يوماً لتلقين العلم وحسب، بل بأن يكون قدوة لنا بأحسن الأخلاق وأسماها، وأرفع المبادئ وأفضلها، ليكون بذلك قد أدى دوره المطلوب على أفضل وجه.


جزاء فضل المعلم

كما أنّ لكل شيء جزاء فواجب علينا أن يكون جزاء معلمينا من جنس عملهم الطيب، فلا يرون منّا إلّا كل طيب، فنسرّ خاطرهم باحترامنا لهم، وتقديرنا لوجودهم، وإشعارهم بقيمتهم، بثنائنا عليهم وشكرنا لهم دوماً، والالتزام بأوامرهم، وتقديمهم علينا في شتى الأمور، وعدم مقاطعتهم، والاستفادة مما يبثونه فينا من أفكار، وقيم، فذلك يشعرهم بالسعادة والرضا، وبأنّ جهودهم لم تذهب سدى، وإنّ من احترام فضل المعلم الهدوء في حضرته، واحترام وجوده والشعور بهيبته.


الخاتمة

المعلم هو جندي من جنود الوطن، وحارس قيمه وأخلاقه ومبادئه من الضياع، لذا يجب علينا احترامه وتقديره أيّما احترام وتقدير، فبدونه ضياع المجتمع وهلاكه، وضياع الناشئين والمستقبل.



للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن المعلم، موضوع تعبير عن المدرسة