المقدمة

أمرنا الله عزّ وجل أن نبتغي وجهه الكريم في كل الأمور سواء كانت من العبادات أم في معاملاتنا اليومية، وأمرنا بالابتعاد عن الرياء والنفاق اللذين يفسدان الأعمال، ولا زلتُ أذكر حديث معلّمتنا عن تطاير حسنات الشخص يوم الحساب بعد أن يكون قد جاء بالكثير منها، وذلك لأنّه كان قد قصد بها لفت الناس وإثارة إعجابهم، فقد قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة: 5)، ومن الأمور التي يجب على الإنسان أن يكون مخلصاً فيها طلب العلم، فطلب العلم عبادة تستلزم الإخلاص.


الإخلاص في طلب العلم

النية هي أساس كل الأعمال، وبالتالي لكل إنسان نيته وأعماله، وطلب العلم أحد هذه الأعمال، والتي يجب أن يكون الإنسان مخلصاً لله تعالى فيها، حيث يبتعد عن طلب العلم ليُقال عنه أنّه عالم، أو أنّه يحمل الشهادة الفلانية فقط، أو ليجاري فيه العلماء ويصبح واحداً منهم فقط ليس أكثر، أو ليتفاخر أمام الناس ويشعرهم بأنّه أعلى منهم منزلة، وأكثر منهم قيمة وقدراً، فقد حذر صلى الله عليه وسلم الإنسان من ذلك، وَتَوَعَّدَ فَاعِلَ ذَلِكَ بِالحِرْمَانِ مِنْ دُخُولِ الجَنَّةِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ) ففي هذا الحديث يظهر الإثم الكبير الذي يرتكبه ذلك الشخص الذي يتعمد طلب العلم، وقضاء سنين طويلة في الدراسة والسفر لأجله ليباهي به الناس، ويغيظهم، ويتفاخر فيه وغير ذلك من الأمور.


ويكون الإنسان مخلصاً في طلب العلم كما قلنا في نيّته بأنّه يتعلمه لوجه الله تعالى، ولنفع مجتمعه، وإخوانه المسلمين، وبأنّ غايته هو أن يقضي على الجهل، والفقر، والفساد فيه، وأن يأخذ هذا العلم عن طريق العلماء الموثوق فيهم وفي علمهم، وأن يعلم هذا العلم لمن يطلبه منه، فلا يكتم معلومة عن أحد سأل عنها أحد؛ لأن من يفعل ذلك يرتكب إثماً عظيما.


فوائد الإخلاص في طلب العلم

إن من يخلص في طلب العلم سينال من الله أجراً عظيماً، كما أنّه سيجد في أموره تيسيراً وسهولة وراحة، بالإضافة إلى أن الله تعالى سيسهل عليه طريق علمه هذا، ومن أهمية الإخلاص في طلب العلم للمجتمع هو بناء مجتمع قوي يقوم على العلم الصحيح الذي لا تشوبه شائبة، والذي فيه يتساعد طلاب العلم معاً فيتعلمون من بعضهم البعض، ويتواضعون، فكلهم جنود في صفوف هذا المجتمع سخرهم الله لبنائه.


الخاتمة

فليخلص الإنسان في طلب العلم لينال رضا الله وتوفيقه، وتُرفع درجاته ومراتبه، فما أراد رضا الله دوماً يسر أمره وأرضى عنه خلقه، وأسعده في دنياه وآخرته، فيارب اجعل علمنا خالصاً لوجهك الكريم.


للمزيد من مواضيع التعبير: تعبير عن طلب العلم، تعبير عن العلم والعلماء