الإيثار

الإيثار هو خُلُقٌ نبيلٌ أساسه العمل من أجل الآخرين لإسعادهم، وتقديم مصالحهم على المصلحة الذاتيّة، ويعتبر هذا الخُلق العظيم من أعلى درجات السّخاء والجود والعطاء، يقول الإمام المصري محمّد الغزالي عن الإيثار:"وأساس التعامل الخلق الزاكي والإيثار الذي يرجح الفضل على العدل والترفع عن الصغائر"، فالإيثار يجنّب الإنسان حبّ الذّات والأنانيّة التي تولّد الطمع في النّفس، فيّصبح الإنسان الذي يتحلّى بهذا الخلق قدوةً في المحبّة والعطاء، وإسعاد الآخرين.


درس عن الإيثار

كان درس اليوم عن الإيثار، فأخبرنا المعلّم قائلاً: يا أبنائي إنّ الإيثار من أحد الأخلاق العظيمة التي يتحلّى بها الإنسان، وتحضّ على هذا الخلق كافّة الشرائع والأديان، لما فيه من خيرٍ وفيرٍ للناس، فالإيثار هو العطاء بلا مقابل، والتضحية من أجل الآخرين، طمعًا في رضى الله عزّ وجل، وتتعدّد القصص التي تتناول الإيثار عبر التاريخ، ومن هذه القصص يا صغاري قصّة التمرات الثلاث.

رفع أحد زملائي يده وسأل المعلّم: وما هي قصّة التمرات الثلاث يا معلّمي، فأجابه: قصّة التمرات الثلاث تحكي حكاية السيّدة عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها مع المرأة الفقيرة، ففي يومٍ من الأيّام سمعت السيّدة عائشة طرقاتٍ على باب بيتها، فلما فتحت وجدت امرأةً مسكينةً فقيرة تقف على الباب ومعها ابنتاها الصّغيرتان، وطلبت منها السيّدة المسكينة طعامًا، وفي هذا اليوم لم يكن في بيت السيّدة عائشة رضي الله عنها إلا ثلاث تمرات، فأحضرتها دون تردّد وأعطتها للمرأة، فوزعت المرأة التمر على ابنتيها وأخذت الأخيرة، فتناولت الصغيرتين حبتي التمر، ونظرتا إلى الحبّة الأخيرة في يد الأم، فقسمت الأم الحبّة الأخيرة بين ابنتيها، وأعطت لكلّ واحدةٍ النِّصف، وفضّلت أن تبقى جائعة، وكانت السيّدة عائشة تتابع ما فعلته السيّدة بإعجابٍ، وكيف آثرت الأم ابنتيها على نفسها، وعندما عاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى البيت، أخبرته السيّدة عائشة قصّة المرأة، فقال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنّ الله قد أوجب لها بها الجنّة، وأعتقها بها من النّار). حديث صحيح.

وفي هذه القصّة يا أبنائي ورد موقفان عظيمان للإيثار، الموقف الأوّل موقف السيّدة عائشة رضي الله عنها، بأن آثرت إطعام المرأة كلّ ما تملكه في بيتها على إبقائها تتضوّر جوعًا هي وابنتيها، والموقف الثاني إيثار الأم الصغيرتين على نفسها، والنتيجة بأن بُشّرت بدخول الجنّة.


الخاتمة

الإيثار خلقٌ عظيم يورّث الرضى والرّاحة، إضافةً لبث روح المحبّة بين الناس، وتعليمهم فضل الإيثار في سلوكهم وتعاملهم مع الآخرين، وتجنّب الأنانيّة والمصالح الشخصيّة التي تخلق الكراهية والبغض بينهم.



للمزيد من المواضيع: تعبير عن الكرم، تعبير عن الشهامة