القدس
القدس هذه المدينة التاريخيّة الضاربة في القدم، وأكبر مدن فلسطين، وهي ما تُسمّى بمدينة الأنبياء والمرسلين، بالإضافة إلى أنّها قبلة المسلمين الأولى، وثالث الحرمين الشريفين، وهي مسرى النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ومنها عرج إلى السماء، وفيها صُلب المسيح، وهي مَن يقول الشاعر فيها:
سجِّلْ أنا القدس
أنا أرضُ النُّبوات
أنا زهرُ المداراتِ
أنا دررُ المدائنِ والقلوبِ الغضبة ِالحيةْ
أنا للمجدِ عنوانٌ و أهدابي عربيةْ
رحلة إلى المدينة العتيقة
قرّر والدي أن يصطحبنا في زيارة الأسبوع المقبل دون أن يعلمنا عن الوجهة التي يقصدها، وعندما سألناه أجاب بأنها مفاجئة كبيرة ستسرنا، وطلب منا أن نعدّ أنفسنا في نهاية الأسبوع المقبل، أخذتنا الحماسة ونحن نترقّب عطلة نهاية الأسبوع بفارغ الصبر، وأخيراً جاء اليوم الموعود، فاستيقظنا جميعاً مبكراً، وكنا قد رتبنا جميع أشيائنا قبل خلودنا إلى النوم، وركبنا السيارة وانطلقت بنا، حتى بدأنا نقترب من سور المدينة، علت الضحكة وجوهنا، وصرخنا بصوتٍ واحد: القدس!!، وأخذنا نردد جميعاً بصوتٍ واحد: "لأجلك يا مدينة الصلاة أصلي".
أوقف أبي سيارته بالقرب من السور في مكانٍ مخصّص للسيارات هناك، وترجّلنا منها والحماسة تملأ أرواحنا، وشوقنا للمدينة يدفعنا للتسابق للدخول فيها، دخلنا من باب العامود إلى قلب المدينة، وعيوننا تدمع شوقاً وفرحاً، وشعرنا بأننا قد عدنا بالتاريخ إلى الوراء، فهي على حالها منذ القدم كما قرأنا عنها، ما زالت تحتفظ بكل تلك الروائح التي لا تفوح إلّا من داخل أسوار المدينة، كانت وجهتنا الأولى لإقامة الصلاة في المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وصلينا ركعتي شكر لله ودعونا الله بأن يحفظ المدينة وأهلها، وبعد أن انتهينا التقطنا جميعاً صوراً للذكرى من داخل باحات المسجد، وغادرنا ونحن ندعو أن نعود إليها مراراً وتكرارا.
سرنا في الأزقّة العتيقة حتّى وصلنا إلى كنيسة القيامة، فأخبرنا أبي تاريخ الكنيسة، وما فعله اليهود بالأنبياء هناك قديماً وحديثاً، ومضى الوقت ونحن نمشي، وعندما شعرنا بالجوع توقفنا واشترى والدي لنا من كعك القدس الشهير، كم كان شهيّاً، واشترينا المزيد لنأخذه معنا إلى البيت، وتابعنا تجوالنا فيها حتّى بدأت الشمس بالمغيب، رجونا والدنا بأن نصلي المغرب في المسجد ومن بعدها نعود أدراجنا، وكان والداي أكثر شوقاً منا لأداء الصلاة هناك، فصلينا، وودعنا المدينة، وقفلنا عائدين من رحلة العمر إلى قبلة القلوب، مدينة القدس الحبيبة.
الخاتمة
عندما نتحدث عن القدس تتفتح أمامنا أبواب التاريخ على مصراعيه، فهذه المدينة التي تنطق تاريخاً وحضارة بقيت صامدة عبر التاريخ في وجه كافة أنواع الغزو والاحتلال، وفي كل مرّة كانت تنتصر، وستنتصر.
للمزيد من المواضيع: تعبير عن فلسطين، تعبير عن الشهداء