الموضوع الأول

المقدمة

لطالما حلمتُ بملامسة حبّات المطر النديّة طوال عمري الذي يبلغ الحادية عشرة، فقد وُلدت وعشت جلّ حياتي في الخليج، حيث نفتقر هناك إلى الأمطار إلّا في بعض الأماكن البعيدة عن مكان سكني، وفي هذا العام جاء أبي ليزفّ لي البشرى التي أحلم بها، حيث سنذهب في إجازة لمدة أسبوع إلى الأردن في فصل الشتاء، للاستمتاع بمظاهر هذا الفصل هناك وتفاصيله.


جمال المطر

تتابعت الأيام وها نحن نحطّ بالطائرة التي أقلّتنا إلى أرض الأردن، لقد بدا المنظر بديعاً ومختلفاً منذ أن دخلنا سماء هذا البلد الجميل، فالسحب بيضاء عالية اخترقناها وكأنها أكوام من القطن، والجو بارد جميل كما لم أشعر به من قبل، لكنّها لا تمطر بعد، نزلنا في بيت جدّي الكائن في إحدى المناطق الجبلية، وأخبرونا بأنّهم يتوقعون الليلة أمطار تتساقط بغزارة، فازداد سروري.


انتظرت سقوط المطر دقيقة بدقيقة كأنه ضيف عزيز، وبينما أنا أتنقّل في المنزل من نافذة إلى نافذة، وأحمل في يدي كوب الكاكاو الساخن بانتظار المطر، رفعت نظري إلى الأعلى لأرى السماء وقد تكدّست بالغيوم الرمادية التي تنبئ بقدومه، فاشتعلتُ حماساً، وبعد لحظات سمعت صوتاً غريباً يطرق زجاج النافذة (تك تك تك)، ويزداد رويداً رويداً، نظرت فإذا بها حبّات المطر المتساقطة تتسابق لتلامس أيدينا التي اشتاقت إليها قبل أن تعرفها، تعالت أصواتنا أنا وإخوتي ابتهاجاً بقدوم الزائر العزيز، فمددنا أيدينا من النوافذ لنشعر به، ويا له من شعور جميل يدغدغ الحواس لم أجربه من قبل، بقينا على هذه الحال نصف ساعة من الزمن دون أن نشعر.


ثمّ قررنا أن نخرج للحديقة لنشعر به أكثر، فارتدينا ملابسنا وخرجنا لنرى أجمل مشهد في حياتي، فالمطر يتساقط بشدة كأنه شلال، فيغسل أوراق الشجر الخضراء، وينحدر عنها برفق فيروي الأرض العطشى المشتاقة له، فتشرب وتشرب وتفوح منها رائحة أشمّها لأول مرة في حياتي، هي رائحة التراب المبلول بماء المطر، أما الحيوانات فتركض للاختباء في جحورها، والناس تحمل مظلاتها في الشوارع وتسير لتتدارى في البيوت.


وبرق ورعد يقصفان فنركض أنا وإخوتي لنختبئ في البيت من هذا المنظر المهيب، فيما تضحك جدتي وأمي لمناظرنا، وقد حضّرتا لنا أطباقاً من شوربة العدس الدافئة لتناولها، فنتناولها على عجل ونرجع إلى الحديقة، فحواسنا لم تشبع بعد من لقاء المطر.


أرفع رأسي عالياً لأرى حبات المطر تشق طريقها منذ أن تغادر الغيمة وحتى تصل إلى الأرض، وأدعو الله بما أتمنى، فجدتي أخبرتني أنّ الدعاء وقت المطر -بإذن الله- مستجاب، وبينما أنا كذلك ألمح رقاقة فضية كما الألماس تشق طريقها وسط الأمطار نحوي، فأنادي أخي وأسأله عنها، ليخبرني بأنها رقاقة ثلج سبقت أخواتها لتنبئنا بنزول الثلج الذي سيزين المكان، ويكمل روعة الشتاء.



الموضوع الثاني

المقدمة

من أكبر نِعَم الله عزّ وجلّ على البشر نزول المطر، وهو هبة الخالق للأرض، وسرّ الحياة وأساسها، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ سورة الأنبياء الآية: 30، فلولا المطر لما كان هناك حياة.


تكوّن المطر

المطر هو ظاهرةٌ طبيعيّةٌ وفيزيائيّةٌ، تتجلّى بانهمار حبّات المطر من السحب في السماء في لوحةٍ شاعريّة، غالبًا ما تحصل في فصل الشتاء في أغلب مناطق العالم، وذلك نتيجة البرودة، والضّغط الجويّ المنخفض، مما يؤدّي لتكوّن السحب المحمّلة بالأمطار، كما في الأقاليم المتوسطيّة المعتدلة والباردة، في حين تهطل الأمطار على مدار العام في المناطق المداريّة والاستوائيّة الحارّة والرطبة، كما تهطل الأمطار في فصل الصيف نتيجة الحرارة المرتفعة، والتي تؤدّي إلى تبخّر المياه، فتتجمّع السحب نتيجة هذا التكاثف، وتنهمر الأمطار.


أهميّة المطر

تأتي أهميّة المطر في ريّ المزروعات والنباتات البعليّة والشتويّة، كما وتزيد من مساحة الغطاء النباتيّ، الذي ينتشر بعد المواسم الماطرة، الأمر الذي يحدّ من مشكلة تملّح وتصحّر التربة، وتزود الأمطار الآبار بالمياه الجوفيّة اللّازمة لمياه الشرب، وكثيرًا ما ربط العرب مواسمهم الزراعيّة، وطقوس حياتهم بنسبة كميّات الأمطار الهاطلة، وأوقاتها، وفي تربية ورعي مواشيهم، وكتبوا في المطر القصائد والأبيات الشعريّة، والفلّاح ينتظر المطر، ويفرح بهطوله كفرحة العيد، ويستبشر فيه بالخير؛ فالمطر دلالة على وفرة المحصول، والجني الوفير، والربح الكبير، وفي المواسم التي يتأخّر فيها نزول المطر، أو تقلّ فتراته، وتتناقص كميّاته، فهذا يُنبئ بموسمٍ ضئيل الإنتاج، محدود الأرباح، أمّا حين يتأخّر هطل المطر، ويتخطّى موعده السنويّ المعتاد؛ فتُقام في المساجد، والكنائس صلاة الاستسقاء؛ للابتهال إلى الله عزّ وجلّ، ليرسل أمطارَ الخير، والبركة بعد حجبها، لما فيه خيرُ البلاد والعباد، وقديمًا قيل أنّه لو رضي الله على قومٍ أرسل لهم المطر في ميعاده دون تأخيرٍ، ولو لم يكن راضيًا عنهم، حجبه عنهم، أو أرسله في غير ميعاده، فيكون عليهم نقمة، لا رحمة.


الخاتمة

المطر هبة الخالق لمخلوقاته كافةً، ولوحة طبيعيّة، وهو دليلُ الوفرة، والخير والبركة، ومصدر فرحٍ، وبهجة الكبير والصّغير، ولا أجمل من النزهة تحت زخّات المطر، وهي تغسل مع الشوارع القلوب من همومها.



للمزيد من مواضيع التعبير: تعبير عن الشتاء، تعبير عن الماء