المقدمة

استيقظتُ في تمام الساعة السادسة صباحاً بعد ليلة لم أنم فيها جيداً، فاليوم هو اليوم الذي أقدّم فيه آخر اختباراتي، وهو اليوم الذي سأودّع فيه مدرستي التي هي بيتي الثاني، وسألقى فيه صديقاتي ورفيقات دربي للمرة الأخيرة قبل عطلة صيفية ستمتد أشهر طويلة، يا إلهي كم أكره الفراق، فهو مؤلم لأنه نهاية كل جميل، نهضت من فراشي وقد دمعت عيناي، وارتديت زيّ المدرسة للمرة الأخيرة هذا العام، وانطلقت أسير ببطء في شارع لن أسير فيه مجدداً حتى العام المقبل.


وداع المدرسة

وصلت باب المدرسة فلمحت الحزن ينتشر في الساحة بين الصديقات، هذه ليست مدرستي التي أدخلها دوماً، وهذه ليست صديقاتي اللواتي ألمح على وجههن الابتسامة بداية كل صباح، أين المرح والفكاهة التي نصطف بهما في طوابيرنا؟ وأين صوت الإذاعة المدرسية الصاخب الذي يوقظ حواسنا النائمة كلّ صباح، رباه! كل شيء يبدو كئيباً اليوم.


دخلنا إلى قاعات الامتحان، وأدينا امتحاننا ونحن نتمنى من الله التوفيق، فيما تصاعدت دقات قلوبنا والوقت يقترب من النهاية، نهاية يومنا الأخير في المدرسة، خرجنا من القاعات وكلٌّ منّا تنظر إلى زوايا المكان فتتذكّر فيه أجمل الذكريات، ففي هذا الفصل تشاركنا أحزاننا وأفراحنا، وفي هذا الفصل كانت أجمل مغامراتنا الشقية، وفي هذا الفصل ذاكرنا معاً، وتقاسمنا شطائرنا معاً، واحتفلنا معاً، وعلى هذه المقاعد الخشبية حفرنا حروف أسمائنا بحبر الذكريات، وفي الساحة تراكضت أحلامنا وراءنا ونحن نلعب الحجلى والغميضة، نرفع بصرنا إلى تلك النافذة التي هي نافذة الإذاعة المدرسية، فنستذكر الطابور الصباحي ومغامراته، وتحية العلم والنشيد الوطن، وآيات كتاب الله العطرة التي كانت تحلّي يومنا، والمعلومات المفيدة التي كنّا نلتقطها من الإذاعة لنحكيها للصحب والعائلة.


أمّا المسرح فكم مرة اعتليناه نؤدي أجمل الرقصات، والدبكات، ونشدو بأجمل الأشعار في المناسبات الوطنية المختلفة، والمقصف الذي كنا نشتري منه ألذ المأكولات والحلويات، في كلّ ركن لنا ذكرى، تحت الأشجار التي جلسنا تحتها وتقاسمنا أفكارنا، وأحلامنا، وأحزاننا، وعلى المقاعد، وفي الساحات، نظرنا إلى كلّ ذلك وكل واحدة منّا في داخلها سؤال يقول: أمعقول قد حان الوداع؟!


الخاتمة

سقطت منّي دمعة لم أستطع إمساكها، وتتابعت بقية الدمعات فأخذت صديقاتي يبكين هنّ كذلك فيما احتضنّا بعضنا البعض لنخفف وطأة الفراق، وفي هذه الأثناء مرّت معلّمتنا الفاضلة فطلبت منّا الاقتراب منها، والجلوس حولها، وأخذت تحدّثنا عن حلاوة الإجازة الصيفية، واللقاءات التي نستطيع أن نرتّبها معاً لزيارة بعضنا البعض خلالها، وعمّا نستطيع الالتحاق به من دورات ونواد تنفعنا، وعن الرحلات والمخيمات الكشفية التي تنتظرنا، فكل وداع هو بداية لقاء جديد، وكل نهاية هي بداية طريق جديد، كان كلامها كالبلسم يداوي الجراح، ويطبطب على القلب، فلم نجد نفسنا إلا وقد ابتسمنا، وقد تحوّلت الدمعات إلى ضحكات، وتبدّد الاكتئاب وتحوّل إلى حماس ومرح، فإلى اللقاء مدرستي حتى نراك من جديد.


للمزيد من المواضيع: تعبير عن المدرسة بيتك الثاني، تعبير عن كيفية قضاء العطلة الصيفية