المقدمة

سحابة بيضاء أنا خلقني الله لأستقرّ في هذه السماء الواسعة، فألامس الطيور، وأداعب نسمات الهواء، وأرى الطبيعة والإنسان والحيوان من تحتي، أتواجد في الشتاء بكثرة، فأُنعم على الأرض -بأمر الله- بالمطر والبرد والثلج، أما في الربيع والخريف فأظهر تارة وأختفي تارة، وفي الصيف أختبئ فلا يراني أحد إلّا نادراً، كثيرة الترحال أنا، لا أحب البقاء في نفس المكان لوقت طويل، إلّا في رحلتي الأخيرة إلى الريف يا رفاق، فقد رأيت فيها من جمال الطبيعة ما جعلني أرغب بالبقاء فيه بقية حياتي!.


سحابة في سماء الريف

سرت مسافات طويلة هاربة من المدينة حتى وصلت إلى الريف، في المدينة كل شيء يبدو جميلاً، لكن الضوضاء أزعجتني، والتلوث خنقني، وأنا يا رفاق سحابة بيضاء رقيقة لا أقدر على ذلك، فاتخذتُ قراري وسرتُ مسافرة إلى الريف، حيث سمعتُ من صديقتي الحمامة أن طبيعة الريف مختلفة، فهواؤها نقي، وجوّها هادئ ومريح، والطبيعة فيها خلابة، فبدأت رحلتي وبعد مسير طويل استمر أيام قضيتها أنا ورفيقتي الحمامة في السماء، توقفت فجأة الحمامة وأخبرتني: هيه أيتها السحابة البيضاء، انظري الآن تحتك، فنظرت وإذا به أجمل منظر رأيته في حياتي.


الربيع في الريف

لقد كان فصل الربيع، حركتني نسائم هواء عليلة تنفستها بعمق، فقد كانت نقية جداً لم أتنفس مثلها في المدينة، أحسست أن الحياة عادت إلي من جديد، وفور وصولي جاء سرب من الفراشات الملونة يداعب خدودي ويرحب بي في الريف، شممت حول هذا السرب رائحة جميلة فسألت فراشة عن مصدرها، فأشارت للأسفل حيث بساط أخضر بديع من العشب، وفيه زهور يانعة لها رائحة جميلة جداً، أما حولها فأشجار تحمل وروداً صغيرة ملونة ستصبح فيما بعد ثمراً، والأغنام والأبقار ترعى الأعشاب بهدوء، يا له من فصل بديع.


الصيف في الريف

تشرق الشمس المشعّة في الصيف، وتنعكس على مياه الجداول والبحيرة الموجودة في الريف، ويلهو الأطفال فيها هرباً من حرارة الجو، أمّا أزهار الأشجار فقد تحولت لثمار لذيذة هي ثمار التفاح، واللوز، والخوخ وغيرها، والمزارعون يهبّون هم وزوجاتهم لحصاد هذه الثمار، وآخرون يتجهون للحقول لحصاد سنابل القمح الذهبية الجميلة بعد جفافها، وبعض الفتيات يحلبن الأغنام والأبقار ليصنعن من حليبها الجبن والزبدة.


الخريف في الريف

رغم أنني أكره فصل الخريف؛ لأنّه يجرّد الأشجار من أوراقها، إلّا أنّه كان جميلاً في الريف هذه المرة، فألوان الأوراق الذهبية المتساقطة التي تطفو على سطح البحيرة، وتغريد بعض الطيور على الأشجار، ومشهد الفلاحين الذين بدأوا بحرث الأرض وتنظيفها لتهيئتها لفصل الشتاء الجميل، كل هذه المشاهد جعلتني أستمتع بفصل الخريف لأول مرة في حياتي.


الشتاء في الريف

إنّه فصل العطاء في كل مكان، إنه فصل الشتاء، لقد جاء دوري لأرعد وأبرق، وأتساقط مطراً فأرى الأطفال يبتهجون به ويرقصون تحته، فهو بالنسبة لهم موسم الخير، والبحيرة قد أصبحت جليداً من تحتي، والحقول اكتست بثوب من الثلج أبيض جميل، والحيوانات اختبأت بالحظائر، وبراعم النباتات الخضراء بدأت بالنمو، أمّا الفلاحون فرفعوا رؤوسهم إلى الأعلى بامتنان يقولون جميعاً: شكرا يا الله، شكراً أيتها السحابة المعطاءة.



للمزيد من مواضيع التعبير: تعبير عن جمال الطبيعة في فصل الربيع، تعبير عن الشمس والقمر