المقدمة

من نعم الله على عباده أن الدين الإسلامي هو دين النوايا، وأنّ لكل امرئ فيه ما نوى، فمن نوى هجرة لله والرسول كانت كذلك، ومن نوى قصداً آخر كُتبت له تبعاً لقصده، والخير في هذا الأمر كثير، إذ قد يؤجر الإنسان على عبادة لم يفعلها لمجرد نيّته بفعلها، وقد يأخذ من الثواب ما لم يتوقعه، أو يكن في الحسبان مقابلاً لبعض السلوكات اليومية الاعتيادية إن هو نوى أن تكون لوجه الله الكريم، وأخلص في ذلك، ومن هذه الأشياء التي قد يحوّلها الإنسان من عادة إلى عبادة (طلب العلم) بشرط أن يكون خالصاً لوجه الله الكريم.


الإخلاص في طلب العلم

اجتهد الناس منذ قديم الزمان في طلب العلم وإحراز أفضل المراتب فيه، فهذا يهاجر إلى أبعد الدول لنيل أحدث المعارف والشهادات، وذلك ينفق أمواله على الدورات والندوات وغيرها، لكنهم اختلفوا في نواياهم ومقاصدهم في رحلة طلبهم للعلم، إذ إن بعضهم قد قصد الشهرة والمجد، فيما قد يكون البعض الآخر قد قصد إرضاء والدة أو والدة أو غيرهما، وقد يطمح بعضهم لتحقيق شهادة ينزل بها حمل المشوار التعليمي الذي بدأه عن كتفيه وحسب، إلّا أن البعض من الذين عرفوا الغرض من خلق الإنسان في هذه الحياة، أخلصوا في طلبهم للعلم، ليليق بوجه الله تعالى، وهذا خيرة ما فعلوا.


إنّ الإخلاص في طلب العلم يعني طلب وجه الله وقبوله فقط أثناء طلب العلم، فلا يسعى الإنسان ويطمح لتحقيق مختلف العلوم والشهادات للتفاخر أمام الخلق بأنه بات يحمل أرفعها، أو للتباهي على الآخرين فيما يعلم من علوم، أو ليزيد شرفاً أمام الناس أو قيمة، أو ليقال عنه عالم وفاهم أو شيخ، فإن من يفعل ذلك قد ضلّ سبيله وخاب سعيه، إذ يجب عليه أن يقصد وجه الله تعالى في علمه هذا، فيبحث عن علم ينفع به الناس، ويفيد به البشرية، ويقضي على الجهل، والفقر، والمرض بإذن الله تعالى فيحقق بذلك الغاية التي وجد لأجلها الإنسان، وهي إعمار هذه الأرض.


والإخلاص في طلب العلم منفعة تعود على الشخص بالخير، فالإنسان إذ يقصد وجه ربه في تلقيه للعلم يحصد من الأجر والثواب طوال رحلته هذه ما قد لا يحصده بعمله وعبادته، وينال رضا الله تعالى، وقد يحصد من خير إخلاصه هذا ما لا يخطر على بال أحد، ويفتح الله عليه مغاليق أرزاقه وتوفيقه جراء ذلك، على عكس من يطلب العلم رياء وابتغاء لمدح الناس وثنائهم عليه.


الخاتمة

إنّ قصد وجه الله تعالى هو أساس صلاح الأعمال على اختلافها، وطلب العلم واحد منها، لذا علينا دوماً أن نقصد وجه الله تعالى في مشوارنا هذا، ونتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَعَلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ لا يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضاً مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيَامَةِ).



للمزيد من مواضيع التعبير: موضوع تعبير عن تحسين البيئة العلمية والتكنولوجية، موضوع تعبير عن طلب العلم