نعمة الحب

الحب هو هبة الله لعباده في الأرض ليعيشوا في كنفه بسلام، وتناغم، ومودّة، وسرور؛ فالحب إن كان نقيّاً روّى عطش القلب، ودفّأ الروح، ودفع إلى الإنجاز، فالحب طاقة روحانية عالية تجعل الإنسان يعيش حالة من الاستقرار النفسيّ والاجتماعي، وتلبّي لديه شعوراً بالاكتفاء لا يكون إلّا به، ومخطئ هو مَن توجّه فكره إلى أنّ الحب لا يكون إلّا لمحبوب مخالف له في الجنس، فهناك أنواع كثيرة للحب أكثر سموّاً ورفعة؛ حب الله لعباده وحب العباد لربّهم أوّلها، كما أنّ حب الوالدين لأولادهما والعكس من أسمى هذه الأنواع، وهناك حبّ الأصدقاء لبعضهم البعض، وحب الإنسان لذاته وتقديرها، وكلّها أنواع تضمن لنا العيش في هذه الحياة بأمان وسلام في كنف مَن يشاطروننا هذا الشعور الجميل.


طُرق التعبير عن الحب

الحب بذرة الحياة الجميلة التي يجب علينا سقايتها والعناية بها حتى تعطينا أينع الثمر، فهو شعور كما كلّ شيء يمكن له أن يكبر أو يتضاءل، وللتعبير عن الحب أهميّة كبيرة تتمثل في إحياء قلوب مَن نحبّهم، وبث روح التجدّد في نفوسهم، وشحذ هممهم، ودفعهم للعطاء أكثر فأكثر، وفي الإفصاح عنه حثّ للآخرين على مبادلتنا إيّاه دونما عوائق أو خجل، ومن أول طرق التعبير عنه الكلمة الطيّبة، فالكلمة الطيبة تملك تأثيراً قويّا على الروح وتصل إلى القلب مباشرة إن كانت من القلب، فليس على الإنسان أن يكتم حبّه للآخر دونما تعبير عنه بالكلمة الطيبة، فهذا المصطفى صلّى الله عليه وسلّم يقول للصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه يوماً: "يا معاذ، والله إنّي أحبك"، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّل على الحرص على الإفصاح عن مشاعر الحب النقي لمن نشعر تجاههم بهذا الشعور دونما تكبّر، أو تعال، أو خجل.


ومن طرق التعبير عن الحب أيضاً الاهتمام بمختلف أشكاله، فهذه الأم تحبّ أبناءها فتبذل في سبيل سعادتهم الغالي والنفيس، من مأكل، ومشرب، وتلبية لحاجاتهم النفسيّة والبدنيّة الأخرى، وكذلك الأب، وها هو الزوج يحب زوجته فيحترمها، ويمسح عن قلبها الحزن، ويكون لها السند؛ يكون وقت الحزن السلوى، ووقت الفرح البسمة، والطبيب المُداوي عند التعب والمرض، فلا حبّ بلا اهتمام مهما عظُم، والاحترام من وسائل التعبير عن الحب أيضاً، وغافل هو من يصدّق أنّ إنساناً يحبّه إن لم يكن يحترمه، كما قد تكون التضحية -في بعض الأحيان- وسيلة من وسائل التعبير عن الحب، أمّا حب العبد لله فمختلف لا تسري عليه قوانين البشر، فهو يتمثّل في الطاعة العمياء لأوامر الخالق، والابتعاد الكلّي عن نواهيه، ومواصلته بالصلاة والدعاء، والتضرّع له في مختلف الأوقات.


محدّدات الحب

للحب شروط ومحدّدات؛ أولها أن يكون حبّاً خالصاً نقيّا بعيداً عن المحرّمات، لُبُّه الخير، كما يجب أن يكون حبّاً خالصاً بعيداً عن المصالح الدنيويّة بأشكالها، وأن يبتعد هذا الحب ويسمو عن كل أشكال الضرر، فبعض البشر إن أحبّوا بالغوا في شعورهم هذا، وأرادوا تملّك من يحبّون، فضيّقوا عليهم الخناق، وهذا ينافي مفهوم الحب اللطيف في صلبه، والفريد في تكوينه.


الخاتمة

الحب شعور جميل إن عرفنا كيف نعبّر عنه، ونمنحه بقدره دون زيادة أو نقصان، فما أجمل أن يكون الإنسان محبّاً ومحبوباً وسط من يعيش بينهم من الناس.



للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن السلام، موضوع تعبير عن التعاون