الحريّة
الحريّة هي من أهمّ الحقوق التي يسعى الإنسان لتحقيقها طوال مسيرة حياته على الأرض، فقد خلق الله الإنسان حرّاً من كل عقد الحياة وقيودها، والحريّة نقيض العبوديّة المذمومة التي نهت عنها الإنسانيّة والشرائع والأديان، ففطرة الإنسان هي الحريّة، قال عمر بن الخطاب: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً"، وهذا دليلٌ على أنّ الله يخلق الإنسان حرّاً، وقوانين الأرض هي من تصنع القيود التي تكبّل حريته.
مفهوم الحريّة
للحريّة معان كثيرة تتعدّد لتطال العديد من الأمور، ولكن يُمكن اختزالها في أنّها قدرة الإنسان على الحصول على حقوقه وتقرير مصيره، وذلك من خلال حريّته في اختيار طريقة العيش التي تُلائمه، وحريّة اختيار ديانته، بالإضافة إلى حريّته في الفكر والتعبير عن نفسه ومعتقداته دون تخطّي القوانين والآداب العامّة، أو الإساءة للآخرين، بالإضافة إلى حريّته في تقرير مصيره، والتي تعني الحقّ في اختيار انتماء الفرد، ودراسته، وممارسة هواياته، وإبراز إبداعاته دون أن يخضع للضغوط، ومن هذه الأمور تنبثق أشكال أخرى ومتعدّدة للحريّة بمفاهيم أوسع وأعمق وأكثر شموليّة وهو ما يدفع البعض للفهم الخاطئ والخلط، فيعتقدون أنّ الحريّة هي الانفلات المطلق من قوانين الدين، والعادات والتقاليد، وهو الأمر الذي يخرجها عن إطار معناها الحقيقي الذي هو أسمى وأبلغ وأجلّ من ذلك، فالحريّة الحقيقيّة تحمي، وتعمّر، وتنشر المحبّة والفائدة دون إحداث أي خللٍ أو ضرر بأحد.
محدّدات الحريّة
إنّ حدود الحريّة تتوقّف حينما تبدأ حريّة الآخرين، فكما يقول الزّعيم الإفريقي نيلسون مانديلا عن حدود الحريّة: "أنا لست حُرَّاً حقَّاً إذا أخذت حُريَّة شخصٍ آخر، المظلوم والظَّالم على حدٍ سواء قد جُرِّدوا من إنسانيتهم"، ومن هنا نستخلص بأنّ الحريّة هي شكلٌ من أشكال المسؤوليّة، فمن سعى للتحرّر وجب عليه القيام بما عليه من واجبات لينال تلك الحريّة، فعلى الصّعيد الخاص عليه التعلّم والجد والمثابرة، وعلى الصعيد العام عليه الحفاظ على حقوق الآخرين، والالتزام بما عليه تجاه وطنه ومجتمعه والغير، فالحريّة تعكس كافة المعاني النّبيلة والسّامية، والإنسان الذي يعلم الجوهر الحقيقي لمعنى الحريّة، يعلم أيضاً بأنّ حريته لن تكون على حساب الغير، أو أن تكون سبباً في إيذاء الآخرين، فالحرّ الحقيقي يعلم بأنّه يعيش في بيئةٍ اجتماعيّة لها قوانينها، وأنّه غير معزول عن هذه البيئة، وعليه الالتزام بتلك القوانين، فالمشاركة والتعاون والمساهمة في خدمة البيئة والمجتمع هي من أهمّ أشكال وآداب الحريّة بمعناها الشامل لكلّ أشكال الحياة.
الخاتمة
الحريّة هي الركن الأول من أركان الحياة المثمرة والناجحة، وسلب الحريّة بأي شكل من الأشكال هو سلب للحياة نفسها، ومن هنا يجب أن نعي المعاني السّامية لهذا المفهوم، وأن نتعلّم كيف سنكون أحراراً في اختيار غدنا الذي سنكونه دون تجاوز حدود حريتنا والتعدّي على حدود الغير، وكيف سنرقى في هذا الغد بأنفسنا ونخدم مجتماعاتنا وأوطاننا.
للمزد من المواضيع: موضوع تعبير عن الحرية والمسؤولية، موضوع تعبير عن حياتك بين يديك