مقدمة

لأجل هذه الكلمة الصغيرة تمرّدت شعوب، وسقطت ممالك، وانتفض عبيد، لأجل الشعور بالحياة، جيء بمصطلح "الحرية"، في الحرية قيلت القصائد، وفيها أيضاً نُظمت النصوص، ويبقى كلّ هذا عارياً أمام شخص يُحرم حرّيته فيبحث عنها كما يبحث الطير الحبيس في زنزانة عن ثقب يرى من خلاله النور، فالحرية باختصار هي "الحياة" التي من دونها يفقد المرء روحه وكيانه، فالإنسان بلا حريّته تمثال خاو لا يدري للعيش معنى ولا طعم.

 

الحرية

لطالما نادت الشعوب منذ القدم بالحرية، فثارت على من حرمهم إيّاها، ومجّدت من منحهم إيّاها، فالحرية تعني قدرة الفرد على الاختيار وفقاً لما يحبّ ويرغب، فتراه يميل لاختيار توجهه، ومكان عيشه، وديانته، وكيفية تنقّله، ومجال عمله وإطاره، والحرية حق من حقوق الإنسان، فهو حرّ في اختيار كلّ ما سبق بالإضافة إلى حقّه بممارسة حياته السياسية والحزبية، والتي تضمن اختيار من يمثّله في الانتخابات على اختلافها، وحريته في إبداء رأيه وتعبيره عنه، وغير ذلك.


المسؤولية

على الحرية أن ترتبط في مفهومها بمصطلح المسؤولية، والتي تعني نضج الإنسان للدرجة التي تجعله مُسؤولاً عن تصرّفاته وأفعاله أمام ربّه، ونفسه، ومجتمعه، والقانون، فالحرية لا تعني أن يسير كلّ منّا وفقاً لهواه ورغبته دون أن يحسب لهذه التصرفات التي تبدر عنه، أو الأقوال والآراء التي تمثّله حساباً، لأنّ ذلك إن حصل فهو سبيل الفوضى لا محال، إذ لك أن تتخيل أن يسيء كلّ منّا لديانة الآخر، وانتمائه السياسي، والحزبي مثلاً بحجة التعبير عن الرأي! أو أن يقرر أحدهم أن ينهي حياة شخص آخر لأنّه لا يتوافق معه فكرياً أو عقائدياً أو غير ذلك! ذلك بالتأكيد لا يعني الحرية، فالحرية هي اختيارات الإنسان التي لا تضر على الآخرين ولا تؤذيهم، ومن هنا وجب أن يكون كل إنسان حرٌّ ومسؤول عن حريّته هذه أمام نفسه، ومجتمعه، وقانونه.


تحقيق الحرية والمسؤولية

إن هذين المصطلحين مصطلحان مرتبطان ببعضهما البعض، يحتاجان من كلّ منّا وعياً وإدراكاً لتحقيق التوازن الصعب بينهما، فالباحث عن طريق عيشه الصحيح عليه أن يظل يقظاً دوماً، وممسكاً بلجام المسؤولية حتى لا يحيد خيل حريّته عن مضمار السباق، فكم من باحث عن حريّته فقدها فضرّ نفسه وغيره حينما غفل عمّا يقع على عاتقه من مسؤولية بالمقابل؟، وما أجمل أن نكون واعيين نقدّم ما علينا قبل أن نطالب بما لنا، ونحسب حساب الآخرين فنبتعد بذلك عن الأنا، والأنانية والفردية.


الخاتمة

الحرية والمسؤولية طرفا معادلة علينا أن نحققها بوعينا وإداكنا، فإن قمنا بذلك صلحت المجتمعات، بل نمت وازدهرت، وعاش كل منّا مع الآخر برضا وسلام ووئام، أمّا إن بحث كل منّا عن حريّته وحسب، ونسي أو تغافل عمّا يتوجّب عليه من مسؤولية تجاه وطنه، ومجتمعه، وأفراده فقد ساء ما ظنّ، وما ابتغى، وخسر في نهاية المطاف.


للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن الحرية