المقدمة

أكرمني الله تعالى بعمرة كانت حلم حياتي، سافرتُ خلالها إلى الأراضي المكرّمة برّاً، وبينما أنا في طريقي إلى هناك تفاجأتُ بالأراضي الصحراوية الشاسعة غير المستصلحة بين بلدي وبين المملكة العربية السعودية، وأنا الذي كنت أسمع عن امتداد الأراضي الصحراوية دوماً، إلّا أنني عجزت عن تخيّلها بهذا المنظر، أقول قولي هذا وأنا أدرك بأنّ ما رأيته ليس سوى غيض من فيض، وبأنّ هناك ملايين الدونمات من الأراضي الصحراوية التي تُركت على حالها منذ سنين.


استصلاح الصحراء

أدّيت عمرتي ورجعت إلى بلادي، ومنظر تلك الأراضي الهالكة التي لا يتم الاستفادة منها لا يفارقني، فقررت أن أعمل شيئاً أقدّم فيه خدمة لأهل وطني، ولهذه الأراضي وللمجتمع، فغرقت في تفكيري، ترى من أين أبدأ؟ وكيف أبدأ؟ ومن المعني؟ وبعد مناقشة الأمر مع أبي الذي دعمني في رأيي، وقرر مساعدتي، قررنا التوجّه بكتاب رسمي إلى وزير الزراعة نطلب منه استصلاح هذه الأراضي والاستفادة منها، وبالفعل قمنا بكتابة الكتاب، وأرفقناه بخطة مالية مبدئية استعنّا خلالها بأصحاب الخبرة من مهندسين زراعيين وغيرهم نشرح في التكلفة المبدئية لاستصلاح هذه الأراضي، والعائدات منها على المدى القريب، والبعيد، ولا أخفيكم أنها كانت من أجمل الساعات التي قضيتها في مشروع ما، فأراضي الوطن ككل تستحق منّا العمل بجدّ لتحويل تربتها الصحراوية المفككة إلى تربة نضرة مليئة بالحياة، تطرح من الثمر والزهر ما ينقذ رئتي هذا الكوكب، ويملأ سلّة العالم التي شارفت على النفاد بأزكى الثمر.


ما هي إلّا أيام حتى جاءني اتصال من مكتب الوزير يدعوني به لمقابلة مع الوزير يوم غد، لمناقشة ما جاء في الكتاب، وخلال الزيارة وبعد التسليم على الوزير، شرحت له سبب الفكرة، وخطتي التي تقتضي الاستعانة بالمتخصصين لتحويل تربة الصحارى إلى تربة صالحة للزراعة، ونقل بعض المشاريع الصناعية والسكنية إلى هناك، وإنشاء محطة طاقة شمسية مصغرة فيها، ستمدّ المكان بالكهرباء اللازمة، مما سيؤدي إلى جذب السكان إلى هذه المناطق، واشتغالهم بفرص العمل التي ستفرضها البيئة الجديدة، وبناء بعض المرافق الصحية، والعمل على تشجير تلك المساحات المهدورة وتسخيرها للاستفادة منها في تلطيف الهواء، ورفع نسبة الأكسجين فيه، وطرح كميات من الفواكه والخضروات التي تحتاج إلى مناخ حار لتنمو والتوقف عن استيرادها، والكثير من الخطط المفصلة التي لاقت استحسان الوزير، والتي شكرني على إثرها، ووعدني بالنظر فيها بالتفصيل بالاستعانة بالوزراء.


الخاتمة

ها أنا اليوم وقد توليت منصب وزير الزراعة، وقد تمّ تنفيذ مشروعي الذي أسميناه "رئة الصحراء" أقف وسط المكان الذي مررت خلاله منذ عشر سنوات تحتضنني أشجار لم تكن موجودة حينها، وأتنفس هواء نقياً، وأتجوّل في بصري وسط أرض يانعة مليئة بالوحدات السكنية، والمصانع، والمشاريع الاستثمارية، وأسعى لأن تطال هذه النقلة كل ما في وطننا العربي من صحارى.



للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن واجب الدولة والمواطنين تجاه البيئة، موضوع تعبير عن البيئة