المقدمة

قيل منذ القدم "النظافة من الإيمان" وهذا إن لم يكن حديثاً أو بيت شعر مثلاً إلّا أنّه صادق، فالنظافة رفيقة الإيمان، وهي مطلوبة بكل أشكالها، فالنظافة لا تعني نظافة الفرد الشخصية التي تُعنى باستحمامه، وتبديله ملابسه وغيرها من أمور فحسب، بل تعني نظافة كل ما يتعلّق به من أماكن، وحاجيات، ومن هنا فإن نظافة البيئة التي يعيش فيها الفرد إنّما تعكس إيمانه، وتربيته، وحسن خلقه.


ما الحل؟

كانت العطلة الصيفية قد شارفت على البدء، والطلبة قد أنهوا امتحاناتهم الفصلية تقريباً حينما طلبت مني أمي أن اخرج لأحضر لها بعض الحاجيات، ارتديت ملابسي على عجل وخرجت مسرعة لألبي طلب أمي، وما إن سرت في شوارع الحي باتّجاه السوق حتى راعني منظرها! فقد كانت أرضية بعض الشوارع بالكاد تظهر بسبب تراكم ورق الكتب والدفاتر التي مزّقها الطلاب من المدرسة القريبة، فيما يجد الناظر في الزاوية أكواماً من رماد الكتب المحروقة، ولا يخلو الأمر من بعض أكياس القمامة التي وُضعت هنا وهناك بطريقة عشوائية، وبعض أغصان الأشجار المكسورة والملقاة في بعض الأماكن، لقد كان المنظر مؤلماً بالنسبة لي، ويحتاج إلى حل.


نظافة الحي

ذهبت إلى مقصدي واشتريت ما احتاجته أمّي من حاجيات، ثمّ استأذنتها وخرجت وقد وجدت مجموعة من الأطفال الصغار الذين يحملون الكرة ويخططون لبدء مبارة، فطلبتُ منهم خمس دقائق من وقتهم حدّثتهم فيها عن أضرار الإهمال بنظافة الحي، والمضار والأمراض التي يمكن أن يتسبب بها هذا الأمر لأهل الحي جميعاً، فانعدام النظافة هو أساس انتقال الأمراض عبر الهواء وبعض الحشرات، ناهيك عن الروائح الكريهة التي ستنبعث في الجو إن استمر الوضع على ما هو عليه، وأخبرتهم بأنّ الاستمرار في إهمال نظافة الحي بهذه الطريقة سيؤدي إلى تكّدس القاذورات التي ستمنعهم من اللعب والاستمتاع في بيئة نظيفة بعد ذلك، وأنّ الأمر لن يستغرق منّا الكثير من الوقت إن نحن تعاضدنا معاً وبدأنا حملة واسعة للتنظيف.


تفاعل الأطفال

رأيت أمارات الموافقة تبدو على وجوه الأطفال، فقد اقتنعوا بالحجج التي سردتها عليهم، فقال أحدهم: " طيب ماذا نفعل الآن؟"، فقلت له بحماس: الأمر غاية بالبساطة، سنذهب كل منا إلى بيته، ليحضر بعض الأكياس الكبيرة لنبدأ بتنظيف حيّنا الذي هو بيتنا الثاني، فعامل النظافة وحده لا يكفي لتنظيف كل هذه الفوضى، وافقني الأطفال وانطلقوا إلى بيوتهم، فأحضروا أكياس القمامة وبعض أدوات التنظيف وبدأنا حملة تنظيف الحي معاً، فمجموعة تزيل أكوام الأوراق من هنا وهناك، وأخرى ترسل أكياس القمامة إلى الحاويات، ومجموعة ثالثة تكنس الرماد المكوّم نتيجة حرق الورق، وبينما نحن كذلك حتى أطلّ علينا بعض الجيران، فهبوا لمساعدتنا، أمّا جارتنا أم سمير فقدّمت لنا بعض العصير البارد ليروي عطشنا بينما نحن بالعمل منهمكون.


الخاتمة

مضت الساعات وحماسنا يزداد كلما رأينا جمال الحي يظهر ويزداد، وساقنا ذلك لطلاء بعض الجدران والحاويات الموجودة فيه، ولما شارفت الشمس على الغروب كنّا قد أنهينا ما بدأنا به على أكمل وجه، نظرنا إلى بعضنا البعض، وإلى حيّنا الجميل، وصفّقنا لأنفسنا جميعاً، ثمّ تعاهدنا على الحفاظ على نظافته أبداً ما حيينا.


للمزيد من المواضيع: موضوع تعبير عن النظافة، موضوع تعبير عن نظافة المدرسة